بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 حزيران 2021 12:01ص نهاية وطن أو نهاية منظومة متحكّمة

حجم الخط
ندفع بأيدينا القلم ليكتب، يتراجع ويأبى المضي لما هو مستخدم له، وكأنه يذكّرنا بالمأثور من القول: «نعيب زماننا والعيب فيهم وما لزماننا عيب سواهم». ونستحضر أقوال أنبياء الله ومنهم السيد المسيح بمخاطبته تجار الهيكل ومرابيه وهو يطردهم منه مرددا: «بيتي بيت صلاة يدعى وقد جعلتموه مغارة للصوص». أليس في هذا القول الكريم أصدق توصيف لحال لبنان الذي ينزف دما ويعتصر ألما ويحيا شعبه نكبات متتالية، واغتيالات متكررة ودوّى بمرفئه انفجار هو ثالث أخطر انفجار في العالم بعد اليابان خلال الحرب العالمية الثانية؟! أليست هذه الطبقة التي ركبت البلاد ونصّبت نفسها على العباد أغرقت الوطن وتراها مصممة على تحليل جثته في قعر البحر؟!

لصوص هيكل لبنان تراهم ماضون في غيّهم وفسادهم ونزواتهم جاعلين من ذواتهم آلهة جاهلية كآلهة قريش: اللات والعزى وهبل. والتاريخ البشري يعلّمنا انه عندما تكون الأوطان في محنة غير مسبوقة ونكبات شديدة وبلاء عظيم، ويكون مواطنيه مهدّدون بين مظالم حاكميه وحصار من الخصوم والأعداء ومن القريبين والأبعدين يصبح العمل والكفاح من أجل إنقاذ الوطن مما هو فيه واجب وطني لا يدانيه شيء آخر، يكون المبتغى والغاية المرجوة والبوصلة التي يتوجه إليها المواطنون الأحرار الذين يؤمنون ان إنقاذ الوطن وحمايته في أولويات حياتهم.

ان إنقاذ لبنان مما هو فيه مسؤولية الشعب اللبناني, ولقد انتظر العالم بأكثريته انتفاضته المباركة التي فجّرها في تشرين العام 2019 آملا بإحداث التغيير المطلوب وإعادة لبنان الى سابق عهده، بلد الخير والرفاهية والاستقرار وقبلة اخوانه العرب دولا وشعوبا ودول وشعوب أخرى, وصلة وصل وتفاعل بين حضارات وشعوب وعلوم وثقافات وملاذا للحرية للمضطهدين من بلدانهم والنازحين والوافدين إليه من كل حدب وصوب يعيشون بكنفه وبين شعبه بأمن وآمان واطمئنان لم يعهدوه بأوطانهم. لبنان الذي كان بتعاميم الأمم المتحدة يحتل المرتبة الرابعة بين دول العالم تقدّما وازدهارا جعلته الطبقة الحاكمة خاصة في هذا الزمن الأخير من آخر الدول المتخلّفة والتي يعود تاريخها للقرن التاسع عشر.

أيها اللبنانيون الأحرار، يا شعب انتفاضة تشرين المجيدة، إعلاء هتافاتكم وصرخاتكم المحقة بوجه الجلاّدين في وطنكم وطن النجوم المتألقة والقامات العالية علما وثقافة وقيما أصيلة جعلت من وطنكم الصغير مساحة وجغرافيا متألقا بين دول العالم كبيرها وصغيرها والمثل الفريد في التعايش الوطني وتعزيز الوحدة الوطنية التي لم تنل منها كل المخططات الاستعمارية والصهيونية، وسقطت تحت أقدامكم كل دعوات التقسيم والتفتيت ومشاريع التدويل والهيمنة والفيدرالية و١٧ أيار الصهيوني، وتحرير لبنان بهمّة أبنائه ورجاله المقاومين حتى اندحر المحتل مهزوما مدحورا.

لبنان لن يكون إلا وطن الحرية والسيادة والتحرر وقبلة أحرار العالم، لكن ما عاناه لبنان خلال المئة عام من تأسيس كيانه سواء أحداث 1958 أو 1975 وما يعانيه حاليا من نكبات ومآسٍ وفقر وتجويع وهو الزمن الأسوأ في كل المعايير، انهم يريدون القضاء على الوطن والشعب معا وحال البلاد الآن أصدق أنباء من مزاعمهم وادّعاءاتهم ومكرهم وإفلاس وطن وسرقة أموال شعبه وتفريخ أقزام امتهنوا الوسائل الطائفية والشخصانية فحلّوا وباء على البلاد والعباد. لا وألف لا، لم ولن تكون نهاية وطن بل ينبغي أن تكون نهاية طبقة متحكمة جاءت بها لسدّة الحكم ظروف ومداخلات وقوى متعددة، وآن الأوان بعد هذا الفشل الساحق أن ترحل وتغادر البلاد بعد استرجاع الأموال المنهوبة ومدخرات الناس الى أصحابها.

أيها اللبنانيون علينا تحرير وطننا مما هو فيه وإقصاء هذه الطبقة الذي أوصلت لبنان واللبنانيين الى هذا الواقع البائس ولنعيد بناء لبنان ليعود وطن النجوم ووطن العلم والثقافة، وطن الجامعات والمستشفيات والطبابة النادرة والتعايش الوطني، وبلد السياحة والفن والجمال، ولتذهب الطبقة المتحكمة الى جهنم وبئس المصير.