بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 حزيران 2020 07:28ص هاجس جنبلاط إبقاء الحوار والتمسك بـ«الطائف»

تعيينات محاصصة وكيدية فتحت الباب لسهام التشكيك بجدوى استمرار الحكومة

حجم الخط
فتحت حكومة حسان دياب على نفسها، من خلال هذه التعيينات التي تفوح منها راحة المحاصصة والكيدية، باباً واسعاً للانتقادات التي أصابتها بسهام التشكيك واقتسام المغانم بين مكوناتها، وبالتالي في جدوى استمرارها، في حين بدت عاجزة وقاصرة عن القيام بأدنى واجباتها تجاه اللبنانيين الذين ما بلغوا مرحلة من اليأس والعوز، كما هي حالهم اليوم، حيث يفتقرون إلى أدنى مقومات العيش الكريم، في وقت لا يبادر أهل السلطة المتحكمين برقاب الناس، إلى القيام بمسؤولياتهم في التخفيف من حجم المعاناة القائمة، في وقت واصل الدولار الأميركي تحليقه الجنوني، بعدما تجاوز، أمس، الستة آلاف ليرة في السوق السوداء، دون أن تحرك هذه الحكومة ساكناً، للحد من هذه الجريمة المتمادية التي تضاف إلى سلسلة الجرائم التي أصابت اللبنانيين في أرزاقهم ولقمة عيشهم.

في غمرة هذا العجز الحكومي الفاضح عن وقف الانهيار على كافة المستويات، والذي فاقمت مخاطره عودة العبث في الاستقرار الأمني من خلال التوترات المناطقية الطائفية والمذهبية التي حصلت السبت الماضي، وما تحمله من مؤشرات مقلقة للغاية، حاولت القيادات السياسية والروحية التصدي له، بإدانتها وشجبها لهذه التوترات، ودعوتها لمواجهة محاولات إعادة انتاج فتنة بين اللبنانيين، تشدد أوساط سياسية على أهمية دور المسؤولين في لجم حالة الاحتقان التي تعصف بالبيت الداخلي، وهذا يفرض مد جسور التواصل والحوار، لتهدئة المناخات وتغليب لغة العقل والمنطق، على ما عداها من ممارسات تصب في خانة التحريض ودفع الأمور إلى مزيد من الاحتقان والتأزم، لأخذ البلد إلى المجهول.

وتحت هذا العنوان، يأتي تحرك مستشار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس على القيادات السياسية، في مسعى من جانب النائب السابق وليد جنبلاط، إلى تنفيس الاحتقان القائم، والحد من أجواء التشنج التي تفرض نفسها على الواقع الداخلي، في موازاة التشديد على التمسك باتفاق الطائف الذي يشكل خشبة الخلاص لجميع اللبنانيين في الوقت الحاضر، في ظل تعذر التوافق على بديل، ما يحتم في الوقت نفسه عدم الغوص في اقتراحات وبدائل لا تشكل مخرجاً من الأزمة الراهنة، بقدر ما تزيدها تعقيداً  وتفاقماً على أكثر من صعيد.

ويشدد الريس لـ«اللواء»، على أن «هناك هدفين من الجولات التي يقوم بها على القيادات السياسية، الأول في إطار السعي لإبقاء خطوط الاتصال مفتوحة، لأنه لا مفر من المحافظة على قاعدة الحوار والنقاش في ما بيننا في كل القضايا الوطنية والسياسية، وحتى من موقع الاختلاف. أما الهدف الثاني، فهو التأكيد على أهمية تحمل مسؤولية حماية الصيغة اللبنانية الحالية المتمثلة باتفاق الطائف، رغم كل الملاحظات التي يمكن أن تكون موجودة لبعض القوى على هذا الاتفاق، والذي يبقى أفضل من كثير من الطروحات التقسيمية المستهجنة التي نسمعها، والخرائط الملونة التي توزع هنا وهناك حول إقامة دويلات طائفية»، مؤكداً أن «اللبنانيين دفعوا أثماناً باهظة خلال الحرب كي لا يصلوا إلى التقسيم، فهل تجوز إعادة طرح هكذا أمور؟».

ويكشف مستشار رئيس «التقدمي»، أن نتائج جولاته كانت «جيدة»، متحدثاً عن «تقدير من التقاهم، للدور الذي يلعبه جنبلاط على الساحة الوطنية».

ويضيف: «لقد عرضنا لرؤية الحزب ورئيسه مع هذه الأطراف لحل الأزمة المعيشية والاقتصادية». وفي سياق انتقاده للطريقة التي حصلت فيها التعيينات الأخيرة، يشير إلى أن «الحكومة أهملت قانوناً صدر عن مجلس النواب يتعلق بالتعيينات، وهذا يطرح سؤالاً كبيراً حول احترام الدستور وفصل السلطات، سيما وأن كتلاً نيابية اقترع ممثلوها في الحكومة على هذه التعيينات، كانت صوتت إلى جانب هذا القانون في مجلس النواب، في مفارقة غريبة»، مشدداً على أن «الحجة التي نقلت عن أوساط رئيس الحكومة بأنه قد يكون هناك طعن في القانون، غير مقنعة على الإطلاق، لأنه ليس مسؤولية الحكومة أن تنتظر الكتل النيابية، ما إذا كانت ستطعن أم لا، بقدر ما أن واجبها يحتم عليها احترام القانون وتطبيقه».

ويسأل الريس، عن «المعيار الذي تعتمده الحكومة في إقرار التعيينات؟ فهي لا تستطيع أن تطرح في سلة واحدة اعتماد الكفاءة والمحاصصة. فإما كفاءة وإما محاصصة. وحتى أن تجارب المحاصصة التي كانت تحصل في الحكومات السابقة، كانت تنتج في بعض الأحيان تعيينات مقبولة، إنما مع الأسف ومع احترامي لكل الشخصيات التي تم تعيينها، فإن المحاصصة أتت هذه المرة مناقضة للكفاءة . وهذا أمر مستغرب . ويبدو أن هناك ثمة شهوة على السلطة من قبل بعض الأطراف، فيما البلد على شفير الانهيار». 

ويلفت مستشار جنبلاط، إلى أنه «إذا كانت الظروف الحالية غير مهيأة لتغيير حكومي، فإن ذلك لا يمنع أن الحكومة مطالبة بتحسين أدائها، وإجراء معالجة جذرية للملفات، لكن للأسف لم يشعر اللبنانيون بأي تقدم على هذا المستوى، ولا حتى المؤسسات الدولية تلقفت بإيجابية مشروع الحكومة الإصلاحي».