بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 تشرين الثاني 2020 12:02ص هل بعد هذه المصائب.. تغضبون من شعارات الشعب الثائر؟

حجم الخط
بات الكثير من اللبنانيين عندما يهمّون بالكتابة أو بالمحادثة عن وطنهم الجميل لبنان وعاصمته بيروت سيدة العواصم ومنارة العلم والثقافة والمدارس والجامعات ومركز الصحة والاستشفاء، أو عن الانسان اللبناني وما يختزنه من همّة وحيوية وشطارة مميزة وما يتقنه من لغات أجنبية، كان يصوغ موضوعاته بأرقى الكلمات وأكثرها بلاغة وأعظمها معنى ومبنى بما يليق بوطنهم وعاصمتهم والإنسان فيه.

وكان الزائر العربي القادم إلى لبنان للسياحة أو للإقامة في ربوعه أو للعمل والجد والاجتهاد والاستفادة من جو الحرية والديموقراطية وإيداع أمواله وأسراره. وكذا أصدقاء لبنان من أمم أخرى صديقة، يرون فيه بصفاته المذكورة أعلاه وطنهم الثاني. فالحياة فيه هادئة هانئة ومستقرة وشعبه مضياف بكرمه وتعامله وعاداته، وفي هذا تقدير للبنان الوطن واعتراف بحضارة شعبه الذي يحظى بمواقع عالية في قلوبهم ووجدانهم.

هذا لبنان ما قبل الحرب الأهلية في 1975 حروب الطوائف والمذاهب والعشائر والقبائل وحروب الميليشيات المتفلتة، لكن ماذا عن لبنان الحالي ما بعد وقف الحرب ومشروع إعادة البناء وتطبيق وثيقة الوفاق الوطني في الطائف التي ارتضاها اللبنانيون طريقا لعودة الوطن وعودة الروح والتلاقي، والتصالح بوحدة وطنية شعبية بين جميع اللبنانيين وإعلاء شأن الولاء الوطني فوق كل الولاءات الحزبية والطائفية والمذهبية وفوق كل استتباع للخارج اعتاد عليه اللبنانيون ومارسته كل طوائفهم بلا استثناء، ليس من أجل الوطن بل من أجل أسباب فئوية انقسامية، ولأجل مصالح خاصة ما أنزل الله بها من سلطان، ولأجل مصالح إقليمية ودولية لم تعد خافية على أحد بل تتردد على ألسنة الجميع للتباهي حينا، ولتخويف الآخرين حينا آخر.

ونسأل عن لبنان الحالي على مدار الثلاثين عاما التي مضت وعن الطبقة الحاكمة التي تولت إدارته وأمسكت بزمامه وزمام شعبه وخصوصا في الفترة الزمنية الأخيرة وأخطائها وخطاياها؛ ولهذا حديث آخر. لبنان الحالي نبّه إليه الرئيس الفرنسي الذي حضر مباشرة للمساعدة بعد التفجير «النووي» الكارثي والمجرم في مرفأ بيروت، في وقت لم يتحرك فيه رئيس عربي أو دولة عربية أو جامعة ودولها الغائبة عن قضايا أمتها: لبنان قال الرئيس الفرنسي محذّراً أنه إن لم يتدارك المسؤولون فيه الأمر إصلاحاً وبناءً، فإنه على طريق الزوال والاضمحلال. 

هذه الصورة الكالحة السواد على البلاد والعباد والمنبعثة من الطبقة الحاكمة والمتحكمة، وهي سببها ومسبباتها، أين حدودها؟ ومن سيرسم انحدارها إلى ما دون الهاوية؟ ألا يكفي ما لحق بالبلاد والعباد من أذى وأضرار وفقر وجوع وأوبئة باتت تحصد أمواتا من الشباب والرجال والنساء ومن العائلات ومن كل الأعمار، فمن لم يمت بالحرب الأهلية وحروب الميليشيات سوف يموت بالوباء المنتشر في كل أرجاء العالم (كورونا) وبآثار وتداعيات الانفجار الآثم في 4 آب بعدما هدم المنازل والمتاجر والمدارس والمحال والسيارات فوق رؤوس أصحابها، فيما الطبقة السياسية غائبة تماما.

كرهنا كلام الشتائم التي وُجهت من الشعب للطبقة الحاكمة وملاحقة أفرادها في المطاعم والمقاهي والتشفي منهم بينما لا حياة لمَنْ تنادي. زمرة سياسية أطبقت زورا وبهتانا وبغفلة من الزمن على الوطن والشعب وأوصلتنا إلى القاع. زمرة عاجزة بسبب مصالحها ومصالح زبانيتها أن تشكل حكومة. هذه الزمرة السياسية بكل رموزها تتصرف بالوطن كأنه عقار من عقاراتها، تدخله في ملكيتها وتعمل لنقله بالإرث لأبنائها وبناتها ومحازبيها، وتحجز لنفسها سلفا مواقع الرياسة والوزارات المختلفة ونهب الأموال العامة.

هل بعد هذه المصائب والكوارث تغضبون من شعارات الشعب الثائر: «كلن يعني كلن».