بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 كانون الأول 2021 12:02ص هل نجحت زيارة خالد مشعل إلى لبنان؟

«حماس» تُقاطع «فتح» حتى تسليم المطلوبين

حجم الخط
 سال حبر كثير وخرجت تصريحات عديدة منتقدة لزيارة رئيس إقليم الخارج في حركة «حماس» خالد مشعل الى لبنان وذهبت تلك الآراء الى اعتبارها فاشلة.

 مؤدى تلك الخلاصة بأن مشعل لم يتمكن من لقاء كبار المسؤولين في لبنان ولا سيما تحقيق خرق في علاقته الشخصية التي تراجعت دراماتيكيا مع «حزب الله» على خلفية اتهامه بالاصطفاف الى جانب الجماعات المسلحة ضد النظام في دمشق. 

ميقاتي واكب الزيارة أمنياً 

 وعلى رغم ذلك تمكن مشعل من لقاء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي أمّن الحماية والرعاية الامنية لمشعل منذ وصوله الاربعاء الماضي حتى مغادرته مساء أمس الأول، ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وزعيم «الحزب التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط و«الجماعة الإسلامية» وطبعا عقد لقاءات شعبية في المخيمات الفلسطينية.

 وبين تقييم سلبي وآخر ايجابي، يرى متابعون للزيارة انها نجحت من حيث اهدافها التي وُضعت لها. فمشعل الذي تسلم مهامه الجديدة قبل فترة قصيرة قرر أن يزور الساحات الخارجية والمخيمات مستهلا جولة له في المنطقة تضم تركيا ومصر والأردن، من أهم ساحة وهي لبنان.

 والزيارة كانت مقررة قبل الأحداث الاخيرة في مخيم البرج الشمالي وذلك لمناسبة ذكرى انطلاقة الحركة. وقد حصلت على ترخيص من محافظ الجنوب لإقامة مهرجان في صيدا حيث كان مشعل سيلقي الكلمة الاساسية وإن كان الاحتفال ألغي نتيجة اجراءات السلطات اللبنانية لمواجهة كورونا بعد تاريخ 16 من الشهر الحالي، علما ان الاحتفال كان مقررا في 19 منه.

 وهي صادفت تلك الاحداث وعمل مشعل على لملمة الامور وضبط شارع الحركة بعد مقتل مناصريها.. وبذلك جاءت الزيارة في وقتها وكانت ضرورية لتهدئة الاوضاع ومنع ان تنجر الامور الى الاقتتال، مع الاصرار على مطالبة الأمن الوطني وحركة «فتح» بتسليم المتورطين الـ 15 في القتل وهم غير من سُلما الى مخابرات الجيش اللبناني، علما ان الحركة ترفض الجلوس مع «فتح» قبل تسليم المطلوبين.. 

 وتعود الزيارة الاخيرة لمشعل للبنان، وكان حينها رئيساً للمكتب السياسي على رأس الحركة، الى نحو 11 عاما، تحديدا الى 14 نيسان العام 2011، ولم تكن حينها زيارة علنية والتقى خلالها الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله في ما يقول متابعو مواقف الحركة إنها كانت حملت مبادرة للمساعدة في احتواء الموقف بعد اسابيع على الاحداث السورية وقبل قليل من توجه الاخير الى سوريا للقاء الرئيس بشار الاسد، ومعلوم كيف سارت الامر بعدها وأدت الى تدهور العلاقة بين الحركة ودمشق وتراجعها مع الحزب وايران اللذين استمرا في دعم الجناح العسكري لها..

علاقة استراتيجية مع «حزب الله» 

 لكن الحزب أبلغ «حماس» قبيل وصول مشعل انه غير معني بالزيارة من دون رفضها، ففهمت الحركة الرسالة. أما بالنسبة الى رئيس مجلس النواب نبيه بري فقد وافق على لقاء مشعل قبل ان يعتذر في اليوم نفسه الذي كانت مقررة فيه الزيارة، بسبب «وفاة صديق كبير للإمام موسى الصدر» وطلب بري تأجيل الزيارة من دون تحديد أي موعد آخر لها. والحال نفسه بالنسبة الى المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي وافق قبل الاعتذار وهو ما تتفهمه الحركة.

 وبالنسبة لرئيس الجمهورية ميشال عون فثمة رأي بأن الظروف السياسية أملت عليه عدم استقبال مشعل وسابقاً رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية، وتعود الى عدم اثارة غضب الاميركيين وحلفاء لهم، وهو ما تتفهمه الحركة ايضا وهي لا تريد اثارة سجالات مع احد مع اعتبارها ان من قاطع مشعل هو الذي خسر وهذا لن يغيّر كون الاخير انتُخب من الهيئات الشورية رئيسا لإقليم الخارج وهو شأن داخلي لن يتغيّر.  

 وبينما هناك من ردّد ان اتصالات حدثت مع بعض من التقى مشعل من قيادات سنيّة، فإن المتابعين يرون ان الرافضين للقاء مشعل استقروا على ثنائي «أمل» و«حزب الله» الذي لم تتزعزع العلاقة معه عن استراتيجيتها.

 والحزب حاول مرارا اصلاح ذات البين بين دمشق والحركة، وكان التقارب في حاجة الى تراكم سنوات ليتخذ مشهده الحالي الأقل دراماتيكيا عن السابق، وقد عبّرت عنه تصريحات متبادلة بين النظام في دمشق وخاصة الرئيس بشار الأسد، وقيادات في الحركة، ناهيك عن مزاج داخلي في الحركة بات يُعلي من شأن الدور الإيراني ويبتعد في شكل ملموس عن مذهبية ما سرت وسط شرائح اسلامية في فلسطين، ضد «حزب الله» ودمشق.

هذا التراكم في مساعي التقارب مع وجود قيادة سياسية وعسكرية تُعلي شأن الحلف مع إيران و»حزب الله»، فعل في تبادل الرسائل الإيجابية بين دمشق و«حماس». 

خط دمشق - الضاحية

 وفي عودة الى تطورات سابقة، فقد كان لرئيس المكتب السياسي في الحركة اسماعيل هنية مباحثات بهذا الخصوص مع نصر الله لأكثر من مرة ومنها ما كان داخل الاسوار المغلقة وخارج أعيُن الاعلام، وتبعه قياديون في «حماس» مثل صالح العاروري وغيره إلتقوا نصر الله ونائبه الشيخ نعيم قاسم وقيادات معنيّة أخرى.. 

 هذا الخرق تزامن مع توجيه الأسد كلاما سابقاً واضحا يتعلق بـ«كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري لـ«حماس» خلال لقائه فصائل فلسطينية بعد احداث «سيف القدس» في أيار الماضي، تلته ايجابية من الحركة وخاصة القيادي فيها أسامة حمدان. ثم كانت رسالة تكفّل الأمين العام لـ«الجهاد الاسلامي» زياد نخالة بإيصالها الى «حماس» وعنوانها ان ابواب دمشق مفتوحة لها..

 لكن الخرق الجديّ لم يتحقق خلال الاشهر الماضية، وفي هذا الوقت استمر قياديو الحركة في التعبير بوضوح عن مدى الدعم الايراني لها بعد انتهاء المعارك في الاراضي المحتلة، وتكرار الشكر لطهران لدعمها المادي والتسليحي والتدريبي وغيره لتستعيد الحركة علاقاتها المميزة السابقة مع طهران، لا بل لتتخطاه.ا

 وقد دعت «حماس» مرارا في الفترة الاخيرة الى حل سياسي في سوريا، وهو معنى يحمل ايجابية تجاه النظام في دمشق. وبعد أشهر على كلام إيجابي ورسائل منقولة على خط دمشق -  الضاحية الجنوبية وغيره، أبلغت دمشق «حزب الله» عدم جاهزيتها اليوم للقاء الحركة. 

 هذا الأمر دفع الحركة الى كبح فراملها على هذا الصعيد وهي كانت وضعت فعلا الموضوع على جدول أعمالها.. 

 على أن ما حدث من جديد على هذا الصعيد يشير الى ان الامور ستبقى مجمّدة حتى نضوج خرق كبير قد يتخذ وقتاً طويلاً وسيتطلب جهداً كبيرا من حلفاء الجانبين.