بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 كانون الأول 2019 06:05ص هل يَقْبَل الحَراك بالخطيب رئيساً للحكومة؟

المهندس سمير الخطيب المهندس سمير الخطيب
حجم الخط
تزداد مهمة الحراك الشعبي صعوبة هذه الأيام، ومعها يرتفع لديه الإصرار في وجه التحديات وعامل الوقت الذي تشتريه السلطة في سبيل إخماد جذوة التحركات.

منذ الأحداث التي رافقت قطع الطرقات، وأدت في بعض المناطق الى نتائج دراماتيكية وفي مناطق أخرى كادت تؤذي السلم الأهلي، بات الحراك أمام تحدي تجديد أدواته في سبيل الضغط على السلطة.

والواقع أن قوّة الاحتجاجات قد تراجعت نسبياً في الأيام الأخيرة، من دون ان يعني ذلك تأثر الحجم الشعبي والتأييد في الساحات. ونتيجة تعدد المجموعات المناهضة للسلطة وعدم مركزيتها وافتقادها الى القيادة، إختار كل فريق طريقا يناسبه في تظهير احتجاجه كما في الأسلوب الذي يراه الأكثر قدرة على إيذاء من هم في السلطة الحاكمة.

سبعة.. الأكثر تطرفاً

من الملاحظ أن من أكثر فئات الحراك «تطرفاً» في مواجهة السلطة هو «حزب سبعة» الذي يتشدد أيضا في اختيار تحركات على الأرض من شأنها رفع السقف ضد الرئاسات الثلاث.

والحال ان الحزب كان أول المجموعات المتمردة على الأوضاع المزرية في البلاد، التي نزلت الى الشارع منذ نحو عام، واستمر في تحركات متقطعة وصولاً الى ما قبل اندلاع الانتفاضة في 17 تشرين الأول. واليوم، يشكل الحزب إزعاجا كبيراً للسلطات عبر مسيراته التي يصر عليها نحو قصر بعبدا، والتي أدت الى نزول مئات المناصرين للتيار الوطني الحر في وجهه ما كان سيسفر عن مواجهات لا تقدر عقباها.

أدى استهداف رئاسة الجمهورية الى اتهامات كثيرة للحزب بالتركيز على العهد ورئيس الجمهورية ميشال عون، وهو ما ترفضه الامينة العام للحزب غادة عيد التي تؤكد «أن الحزب لا يفرق بين الرئاسات الثلاث والدليل تظاهراته اليومية أمام السرايا الحكومية ومجلس النواب».

تحاول عيد ورفاقها إبقاء التحركات على قيد الحياة، لا بل زيادة وتيرتها، وهم يدركون تماما حجم التحدي بعد أحداث قطع الطرقات. تقول: «لم نخرج الى بعبدا لقطع الطرقات، بل أن الطرقات نفسها قد قطعت علينا وقد حوصرنا من قبل الجيش الذي تواجد في مقدمة المسيرة وفي نهايتها، إضافة الى انصار التيار الوطني الحر الذين نزلوا بالمئات».

لامركزية ضرورية

في موازاة سبعة، تتعزز يوماً بعد الآخر لامركزية الحراك الذي تتحرك عبره مجموعات صغيرة تقدر بالعشرات، في شكل عفوي يبدو أحيانا عشوائيا، في وجه مؤسسات الدولة.

تحرك هؤلاء أمس في قصر العدل ودخلوه بذكاء للمطالبة باستقلالية القضاء والاعتراض على التوقيفات. وتأتي مطالب المحتجين لتتواءم مع كل المطالب الاخرى، ويضيف عليها المتظاهرون مطالب من عندهم: فتح ملفات الفساد والتهرب الضريبي وخاصة في الجمارك، ملفات محطات تكرير الصرف الصحي، ملفات التلزيمات والتقصير في تحصيل إيرادات الدولة، وطبعا يأتي ملف الأملاك البحرية والكهرباء والنفط..

لعلّ أهم ما في الحراك انه أفسح المجال أمام الجميع لإطلاق مطالبه بعد أن كسر هيبة القضايا مثيرة الجدل. ولتحرك قصر العدل ما شابهه أمام وزارة الطاقة للاحتجاج على إطلاق مناقصة استيراد البنزين، وأمام مكتب جرائم المعلوماتية للاعتراض على توقيف ناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة الى مصرف لبنان والبنوك التي تبدو ضيفا دائما على لائحة الحراك الذي في جعبته الكثير ليضيفه في الايام المقبلة، كمّا ونوعا.

تحرك ضد الاستشارات

مع توارد الأخبار حول صعود إسم سمير الخطيب كمرشح لرئاسة الحكومة، لا يبدو الأمر حلاّ بالنسبة الى الحراك. إنه تسوية سياسية بين أركان السلطة شبيهة بتلك التي تمخض عنها إسم محمد الصفدي.

والواقع ان المسألة تنطلق من المكان الخطأ، وهذا لسان حال معظم «الثوار» الذين يطالبون بإعادة تشكيل السلطة من أساسها. «خرجوا من الباب ويريدون الدخول من الطاقة»، تقول عيد التي تؤكد ان الواقع اللبناني يرفض هذا «الحل» مثلما سيرفضه المجتمع الدولي الذي لن يوفر للبنان أموالا في حال أعاد الطبقة السياسية التي فشلت فيه.

لكن الأمر يبدو رفضياً بالنسبة الى المنتفضين، وهو ما يعيب الحراك غير الموحد، إلا ان عيد تدعو أولا الى تغليب لغة العقل وترسيخ الوعي لإيصال شخصية محترمة ومستقلة ونزيهة. ولذلك، سيبقى الثوار في الساحات وفي الشوارع، لكن بحكمة، عبر التحول نحو المقرات الرسمية حيث يجب أن يحتج أن يكونوا.

يريد الحراك تجنب الوقوع في فخ قطع الطرقات من جديد، لكن عيد تؤكد أن حزبها سيكون متواجداً في حال الدعوة الى استشارات نيابية مع محاولة تمرير إسم الخطيب. وهو لسان حال آخرين في الحراك يودون التغيير عبر المؤسسات ومن دون الانقلاب على السلطة. تقول عيد: لبنان كالشركة المفلسة، والتي لا يمكن لأي من أركانها إدارة الحل فيها، ويتطلب الأمر شخصية من خارج الشركة لإدارتها.

لكن سلمية الحراك يبدو أنها رهن قرارات السلطة التي ستشكل وقود أي تصعيد أو انفراج، على ان تتواءم التحركات مع فضح المسؤولين عما آلت إليه الأوضاع سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً.

لكن ما يخشاه الحراك هو تعمق الأزمة نتيجة الفراغ السياسي الحالي ما سيزيد الوضع سوءا. لذا، يراهن من هم في الساحات على نسبة الناقمين على التدهور التي ستتزايد وعلى الراغبين في تجنب الانهيار وتعمّقه. وهو ما يتطلب خرقا سياسيا حقيقيا كون الحل هو سياسي في الدرجة الأولى، في موازاة الحل الاقتصادي والاجتماعي، على طريق إعادة تكوين السلطة.

بالنسبة الى الأيام القليلة المقبلة، من المرجح أن لا تشهد تحركات دراماتيكية، فالرأي الغالب يرى ان من الافضل الآن أن تتم التهدئة، في انتظار ما ستتمخض عنه الفترة المقبلة، علما ان لا رأي حاسما بين المجموعات المختلفة بالنسبة الى القبول بإسم الخطيب على رئاسة حكومة يربطها كثيرون الموافقة عليها بتغيير النهج والبرنامج، ويفضل كثيرون التركيز على الاجابة على سؤال «أية حكومة نريد؟»، في سبيل التغيير المنشود.