بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 نيسان 2018 12:41ص هل يستفيد اللبنانيّون من نتائج مؤتمر «سيدر» ويتعاونون بجدِّية لمعالجة المشكلة الإقتصادية؟

بوادر مشجِّعة للمجتمع الدولي لمساعدة لبنان في تخطِّي مشاكله الإقتصادية

حجم الخط

ما ظهر من استعداد عربي وخليجي مبدئي للمساهمة في القروض أو الهبات التي ستقدم ضمن سيدر يتجاوز كل الإشاعات والتكهنات

أظهرت الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر «سيدر» التي عقدت في باريس الأسبوع الماضي على مستوى الخبراء والمستشارين تفهماً وتجاوباً من الدول والهيئات المشاركة للبرنامج - الخطة التي أعدتها الحكومة اللبنانية للنهوض الاقتصادي، بعدما تمّ عرض ومناقشة كل التفاصيل والأهداف التي تضمنها ولقناعة المشاركين بأهمية وصوابية البرنامج المرتكز على مقاربة واقعية للأوضاع الاقتصادية السائدة في لبنان حالياً والمخاطر المرتقبة في حال لم يتم اعتماده والمباشرة العملية والسريعة في تطبيقه لتعذر وجود بدائل أو طروحات اخرى افضل منه.
واستناداً إلى المشاركين في هذه الاجتماعات التحضيرية، فإن تفهُّم الدول والهيئات المشاركة بالمؤتمر لطرح الحكومة اللبنانية وإبداء استعدادها للتجاوب معه وانجاحه في المؤتمر، ليس مرده إلى رغبة حقيقية في دعم ومساعدة لبنان لتجاوز ما يواجهه حاليا من صعوبات وظروف المنطقة الملتهبة ومن يتحمله من أعباء مالية واجتماعية واقتصادية تفوق قدرته جرّاء أزمة النازحين السوريين فقط، وإنما لقيام الحكومة اللبنانية بعرض البرنامج الخطة التي قدمتها بشكل تفصيلي ومدروس، تضمن جميع التفصيل والوقائع والمعلومات والمؤشرات لواقع الأوضاع الاقتصادية التي يُعاني منها لبنان والمعالجات المطروحات لمواجهة هذه الأوضاع ولتفادي المخاطر والتداعيات السلبية المرتقبة في المرحلة المقبلة.
يضاف الى ذلك، ان الأمر لم يقتصر على مناقشة طرح الحكومة اللبنانية فقط، بل تعداه إلى محاكاة التصورات المرتقبة من خلال ثلاثة سيناريوهات أخرى للمعالجة، وكلها خلصت إلى أن أيّاً منها ليست أفضل من البرنامج- الخطة للحكومة اللبنانية ولا يُمكن ان تكون بديلا عنها، بل ستكون مساوئها وتداعياتها السلبية ومخاطرها أكبر بكثير، ولذلك ساهمت هذه الوقائع في تسريع الخطى وإبداء التجاوب مع الطرح اللبناني لتسهيل انعقاد المؤتمر والاستعداد المبدئي للتجاوب وتلبية معظم ما تضمنته ورقة البرنامج المطروحة.
ولذلك لم يعد يفصل عن موعد انعقاد مؤتمر «سيدر» سوى بضعة أيام، وأصبح شبه معلوم استناداً إلى التجاوب الذي ظهر خلال الاجتماعات التحضيرية، ان هناك رغبة حقيقية من الدول والهيئات المشاركة العربية والدولية في مد يد المساعدة للبنان لتمكينه من مواجهة الصعوبات والتحديات التي يتعرّض لها لإعادة النهوض بالوضع الاقتصادي على أسس جديدة ومتنوعة، في حين ان ما ظهر من استعداد عربي وخليجي مبدئي للمساهمة في القروض أو الهبات التي ستقدم ضمن هذا البرنامج يتجاوز كل الإشاعات والتكهنات التي راجت عن احتمال انكفاء هذه الدول عن مساعدة لبنان هذه المرة بسبب البرودة التي تحكم علاقاته مع هذه الدول منذ مُـدّة، ويؤكد ان هذه العلاقات عادت إلى طبيعتها ولو بشكل تدريجي كما هو ملموس وهذا ما سيظهر خلال انعقاد المؤتمر المذكور.
ويبقى الأهم، هو ان الدول والهيئات والصناديق الدولية والعربية، ستدعم تنفيذ مجمل البرنامج - الخطة، وهذا الدعم اللافت يُشكّل فرصة فريدة ومهمة، ليس للحكومة اللبنانية التي قد حققت هذا الإنجاز الكبير، وإنما للبنان كلّه، للمباشرة في إرساء معالجة اقتصادية جديدة للأوضاع السائدة في لبنان حالياً، تختلف عن المعالجات التقليدية السابقة التي كانت تعتمد وعطلت لغايات ونكايات سياسية ولحسابات إقليمية معروفة، إنعكست آثارها السلبية على تعطيل كل ما تضمنته رزمة الدعم الدولي الذي حصل في مؤتمرات باريس السابقة، مما زاد في حجم الدين العام الذي يُعاني منه لبنان حالياً.
ولذلك، فإنه بعد انعقاد مؤتمر «سيدر» نهاية الأسبوع الحالي، وما هو مرتقب منه من نتائج مبشّرة حسب الإشارات الأوّلية، فإن الكرة ستصبح في ملعب المسؤولين اللبنانيين الذين سيتولون السلطة بعد الانتخابات النيابية المقبلة، وبالتالي تصبح مسؤولية هؤلاء مضاعفة في معرفة كيفية الاستفادة من الدعم الدولي للنهوض بالاقتصاد اللبناني نحو الأفضل وتخليص لبنان تدريجياً من تفاعلات وتداعيات الأزمات الداخلية والخارجية وسوء إدارة الملف الاقتصادي بسبب الخلافات السياسية المستحكمة.