بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 تموز 2022 12:20ص وجيه الفكر والإيمان

حجم الخط
خطفت يد المنون العلامة الدكتور وجيه فانوس وهو في عز عطائه الثقافي والفكري والوطني، وفي ذروة حركته الناشطة من أجل لملمة الوضع السنّي، وإعادة التوازن إلى المعادلة الداخلية، وتمتين أواصر العيش الواحد بين اللبنانيين. 
حماسه لبيروت كان نابعاً من إيمانه أن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، ويجب أن تقوم فيه دولة المواطنة والعدالة والمساواة بين مواطنيه، ولا بد من إسقاط نظام المحاصصة والفساد الذي أوصل البلد إلى الإفلاس. 
إخترق بطروحاته الوطنية والإنسانية، عبر رئاسته المركز الثقافي الإسلامي كل الحواجز الطائفية والمذهبية والمناطقية، وإعتبر أن الإستقرار والتوازن والمشاركة الفعلية في القرار هي نعمة لكل بنيه، وأن فقدان الإستقرار وعدم التوازن والهيمنة من فريق على الفرقاء الآخرين، تجر الويلات على بلد الأرز، الذي طالما كانت أزماته تعود إلى الإختلالات المتكررة في المعادلة الداخلية. 
تقدم بفكره ودراساته ومقالاته مسيرة الداعين للإصلاح الحقيقي والتغيير البنّاء، من منطلق الحرص على حماية الدولة من أخطبوط الطائفية، ومن باب العمل على إنقاذ البلد من المنظومة السياسية الفاسدة، التي تواطأت في ما بينها لإقتسام مغانم السلطة، على حساب لقمة عيش المواطن العادي. 
إستعرض على صفحات «اللــواء» فكر ونظريات كبار فلاسفة التجديد، وكأنه في جولة أفق بحثاً عن التجارب التي تُفيد البلد، وتُساعد على إخراجه من زمن الإنهيارات والعتمة. 
غزارة إنتاجه الفكري، وديناميكية حركته الإجتماعية والوطنية، وصولاً إلى تكثيف لقاءاته مع المرجعيات الروحية والسياسية، كانت توحي، دون أن يدري هو أو متابعوه، وكأنه في سباق مع قدره المحتوم، حيث كان يحرص دائماً على الوصول إلى نتائج وخلاصات تصلح لتكون نواة القرارات الصعبة. 
لم تكن مجرد مجاملة عندما أطلقت على الدكتور وجيه فانوس لقب «وجيه الفكر والإيمان»، في إفتتاحية «اللــواء» قبل أسابيع، لأنه كان يختصر بشخصه تواضع العالِم، وأخلاق المؤمن، وثقافة المفكر، ومبادرات المُصلِح، بالإضافة إلى مرح المتفائل، والوجه المبتسم دائماً. 
الوطن يفتقدك، بيروت خسرتك، ولكن ذكراك ستبقى خالدة في قلوب وعقول الأصدقاء والمحبين وأجيال من تلاميذك المخلصين.  
رحمك الله أيها الصديق الصدوق، وألهم شريكة حياتك السيدة إيمان والعائلة الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.