الأزمة بين المواطن والطبقة الحاكمة بلغت ذروتها، والوطن يتمزق على امتداد مساحته الجغرافية، والرحمة السياسية شبه معدومة بحيث لا «جبهة إنقاذية» ولا «إغاثة تنموية» سوى في خطب السياسيين المتنافسين على تربع عرش نشرات الأخبار اللبنانية، بين من يلبس ربطة العنق الوطنية وبين آخر ينادي بالطائفية إكراماً لصناديق الإقتراع الإنتخابية فقط.
عند كل إستحقاق دستوري، تتصدر اللغة الطائفية والمذهبية المشهد، وتُرهق الطبقة السياسية فكرها وتُترجمه قولاً بالمبارزات الفتنوية تارة تحت عنوان إقرار قانون إنتخابي وطوراً بعنوان ملفات إنمائية أو حتى وظيفية، وتقضي على ما تبقى من طموح وأمل لدى الشباب اللبناني.
عند كل استحقاق دستوري، يضع المواطن اللبناني يده على قلبه خوفاً من إنفجار طائفي وهو يتذكر جاره الذي يشاركه عيد الميلاد وجاره الثاني الذي يفطر معه خلال شهر رمضان. كيف لهذا المواطن الذي ينتمي الى الوطنية أن يستحمل ما تنشره الطبقة السياسية بإسم الإسلام والمسيحية؟!
المواطن اللبناني محبط، ولم يطلب سوى الدولة المدنية على مرّ العقود. في الشوارع، الناس تائهة بين تأمين لقمة عيشها والخوف على مستقبل أولادها في بلد أصبح الفساد شرعة للعبور إلى دار الإستقرار الحياتي واليومي. أي سياسة هذه التي تنتهجها هذه الطبقة السياسية؟ أليست سياسة هي فقط لإحباط مواطنيها وإنعاش بيوتها؟ ألم يعلموا أن الإحباط يولد الإرهاب؟ ألم يعلموا أن السحر سينقلب على الساحر؟ ألم يعلموا أنهم يحكمون لأنهم يمثلون الشعب لا لأنهم يمثلون عليه؟
المواطن اللبناني في كل مرة يأمل خيراً من طبقته السياسية، ويُلمم جراحه منها ويدعوها للتحاور فيما بينها لإنقاذ الوطن ومنعاً للفتنة الطائفية والمذهبية، ولكن حتى الحوار من أجل سلامة الوطن بين الأفرقاء والحلفاء أصبح حرباً على شعب اطمأن فطُعن بوطنيته ودولته.
على الطبقة السياسية أن تعود إلى رشدها وأن تجعل من الشعب الوطني العابر للطوائف قوة لها لأن الفساد لن يُخلد، وعليها أن تجعل من السلام درباً للعبور إلى الدولة المدنية، ولتكن الإنتخابات النيابية المقبلة أول مدماك نحو سلام لبنان أي سيد وحر ومستقل.