بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 تموز 2020 09:03ص الشرق ليس شرقًا إلا بمسيحيه ومسلميه

حجم الخط

سنكتب عن السلام لمن يحب القراءة، وسنرفع صوت الوحدة لمن يحب الإصغاء، وسنصور خطاب الحضارة الإنسانية لمن يحب أن يرى.

كمسلمة مؤمنة بالإسلام «الإنساني» سأتمسك بدين المسيح وموسى وسأكرس قلمي لخدمة العَقد الحضاري بين الإنسان وأخيه الإنسان، وهذا العَقد عمادُه الثقة المتبادلة والمودة والرحمة والبناء بين أبناء المجتمع الواحد من مختلف الأديان والثقافات. من هنا، جاء موقفنا الرافض لتحويل كاتدرائية آيا صوفيا من متحف إلى مسجد، دفاعًا عن إسلامنا «الإنساني». لنعد معًا إلى الجذور والأصول واسمحوا لي أن أطرح عليكم الوقائع والأسئلة التالية:

- هل نُصرة الدين الإسلامي تكمن في تحويل كنيسة إلى مسجد؟ والعكس صحيح، هل تنتصر المسيحية بتحويل مسجد إلى كنيسة؟ هل هذه هي رسالة المسيحية والإسلام؟ إن الرسالة باقية والجدران فانية.

- أليس من قيم الإسلام بث الطمأنينة في قلوب الناس كافة من دون تفرقة؟

- ألا تعلمون عن العهد الذي وقعه سيدنا محمد صلى الله عليهم وسلم مع مسيحيي نجران لحماية المسيحيين وكنائسهم؟ وما أدراكم ما العهد؟

- أين نحن من هذا العهد اليوم والدعوة إلى الخير والمحبة والسلام بين الناس؟

- ألا تعلمون أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أرسل وفدًا إلى الحبشة لأن فيها «ملك لا يُظلم عنده أحد وعادل في حكمه كريماً في خلقه»، كي يستطيعون العيش في سلام آمنين على أنفسهم وعلى دينهم، فاستقبلهم الملك المسيحي العادل وحماهم من القتل وكانت الهجرة الأولى للمسلمين.

- هل تعلمون أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أرسل رحمة للعالمين وليس للمسلمين؟

- الإسلام يشع نورًا وحضارةً عندما نرفع صوت الحق بالدفاع عن من سبقونا من أهل الكتاب.

- ينتصر الإسلام وكذلك المسيحية عندما نحمي بعضنا.

- هل للدين معنى إذا فقد انسانيته وأخلاقياته؟

- هل المقدسات الدينية تباع وتشترى؟

- الدين ليس «فائض قوة» إنما «فائض محبة».

- ألا يكفي هذا الشرق تفرقة وتقسيم وكراهية؟ ألا يكفي؟ إلى متى التفكك الإجتماعي - الديني؟ ولماذا الفِرقة والتقسيم؟ أفلا نعقَل؟! ونتفكَر؟! ونتدبر؟! كي ننتصر على الفكر الظلاميِ الذي مزق شرقَنا وهدم كنائسنا وحرق مساجدنا؟

- ألم نفهم بعد قدسية هذا الشرق الذي عاش فيه جميع أتباعِ الرسالات والحضارات والثقافات والأعراق، وظهر فيه جميع الأنبياء والمرسلين ونشروا رسالة «السلام والمحبة والتسامح».

- حوّلوا أنظاركم إلى القدس، إلى باب العامود، المدخل الرئيسي لحائط البراق وكنيسة القيامة والمسجد الأقصى، لماذا الاستقواء على بعضنا والله واحد والرسالة واحدة؟

- لن ينهض هذا الشرق إلا بمسيحيه ومسلميه، كم جميل لو نواجه قضايانا بالوحدة وبمزيد من الإنسانية، لوفرنا الكثير من الدماء.

- من ربح ومن خسر بتغيير هوية دور العبادة؟!

- هل تذكرون المشهد الذي حبس أنفاس العالم العام الماضي وتجلى بأعظم القيم الإنسانية واختصر حقيقة رسالة الإسلام بعبارة مقدسة، احتلت العناوين الرئيسية عالمياً، حين قال خادم مسجد النور في نيوزيلندا لقاتله «مرحبًا أخي»، حيث رحب الأفغاني الحكيم بضيفه القاتل إيماناً منه بالأخوة الإنسانية، وأنه لا فرق بين عربي أو أعجمي إلا بالتقوى. ما نطق به الأفغاني الحكيم قبل الاستشهاد اختصر رسالة الإسلام بالقول والفعل، وخطف قلوب العالم أجمع. ألم ينتصر لإسلامه؟

- هل تذكرون المشهد الثاني الذي تربع على عرش الكمال الإنساني، ونبضت المسيحية حبّا وعاطفةً وحناناً وإحساناً باسم الأخوة الإنسانية على يد رئيسة وزراء نيوزيلندا، جاسيندا أردرن، حين حملت مسيحيتها ووضعت حجاب الإسلام ووقفت إلى جانب شعبها، ورفعت الأذان في بلدها إكراماً لشهداء بلادها المسلمين، وأسقطت عن الإرهابي المتطرف اسمه وجردته من صفته الإنسانية. ألم تنتصر لمسيحيتها؟

لن ننجو، ولن يكون لنا دولة عادلة على صورة ومثال قيمنا الدينية السمحة إلا حين نتوحد تحت مظلة «الحرية الإنسانية» بين جميع أتباع الأديان والحضارات والثقافات.