بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 آب 2017 11:17ص محمد بن سلمان.. ” إقرَأ…”

حجم الخط

بسم الله الرحمن الرحيم

"إقرَأ باسمِ ربِّكَ الَّذِي خَلَق”، آية كانت أول الوحي الذي كرم الله فيها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت الرسالة الأولى للعالم أننا "أمة إقرأ” ولسنا "أمة فاشلة”، وإنما أمة تُحييِّ بالسلام عليكم.

 "إقرَأ وَرَبُّكَ الأكرَم”،

 منذ ألف وأربع مئة عام كان الإسلام والإبداع "توأمة”، ووُصف الخلفاء والعلماء العرب بأنّهم كانوا قوة ديناميكية ومنارة للعلم والتجارة والإنفتاح على العالم أجمع. باب التعليم كان مفتاح التفوق في الطب والرياضيات والهندسة المعمارية وعلم الفلك والتجارة الناشطة، كما أن الإيمان حينها ساهم ببناء قرية عالمية واقعية غير إفتراضية تضم اليهود والمسيحيين والمسلمين وغيرهم، وهذا الإندماج الحضاري ساهم ببناء السلام والإبداع والتطور.

اليوم، انقلبت أحوالنا رأسًا على عقب، وأصبحت المنطقة العربية والأمة الإسلامية رمزًا للقمع والجهل والتطرف والإرهاب، ولا مبالغة في القول أننا أصبحنا مصدرًا  للرعب العالمي، وفوبيا الإسلام تُشكِّل العنوان الرئيسي اليومي للصحف والأخبار العالمية. هذه الصورة النمطية الموجعة كثيرًا في قلوبنا تستدعي استنفار "القوة الناعمة” بكل طاقاتها الفكرية والثقافية والتعليمية للتحرك عاجلاً دفاعاً عن حقيقة هويتنا المسلوبة.

مهمة التطرف العنيف الرئيسية كانت مسح الإرتباط التاريخي والديني للمنطقة من خلال تدمير الآثار التاريخية والمساجد والكنائس والمكتبات، من أجل إحراق هويتنا الدينية وانتمائنا العربي المحصن بالإيمان الإسلامي الإنساني والحضاري، الذي من صلب عقيدته الإيمانية إحترام العيش بمحبة مع أتباع الديانات والحضارات والثقافات.

المملكة العربية السعودية كانت الأولى في تأسيس مفهوم الحوار على المستوى العالمي ونشر ثقافة التفاعل بين "الآدميين” أي الحضارة البشرية بأتباع أديانها وحضاراتها وثقافاتها. فالجهود التي تبذلها المملكة في هذا الشأن على كافة الأصعدة الوطنية والإسلامية والعالمية مشهود لها، حيث نستذكر كلام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود رحمَه الله عندما قال: "ليكن حوارنا مناصرةً للإيمان في وجه الإلحاد، والفضيلة في مواجهة الرذيلة، والعدالة في مواجهة الظلم والسلام في مواجهة الصراعات والحروب والأخوة البشرية في مواجهة العنصرية"، وتُوجت رؤيته بإنشاء مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا.

سمو الأمير،

نبارك للمملكة ولولاية العهد القيادة الشابة التي تتمثل بكم، ونحن شابات وشبانًا فرحنا قلبًا وعقلًا لهذا الإنتقال الحضاري والسلمي في الحكم الذي لم تشهده المنطقة من قبل والذي يدلّ على صلابة واستقرار المؤسسات في المملكة.

سمو الأمير،

واصلتم سياسة المملكة بمكافحة التطرف العنيف، وأبهرتم العالم عندما دشنتم بمباركة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود مركز "إعتدال”، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وقادة خمسٍ وخمسين دولة عربية وإسلامية، وذلك خلال ثلاثين يوماً من العمل فقط من أجل مكافحة التطرف بأحدث الطرق والوسائل فكريًا وإعلاميًا ورقميًا.

سمو الأمير،

رؤية المملكة العربية السعوديّة 2030 وهي رؤية الحاضر للمستقبل كما تفضلتم، حيث تخلق بيئة عامرة وحيوية ومتطورة تحاكي مجمتَعًا سليمًا، وتؤسس لمستقبلٍ عنوانه الطموح لغدٍ أفضل.

العمق العربي والإسلامي هو رؤية المملكة والعامود الفقري لرؤية 2030،  وهذا ما دفعنا لمخاطبتكم كشباب عربي مسلم يخشى على الأمة العربية والإسلامية من ضياع الهوية الإسلامية والفكرية والثقافية والحضارية والإنسانية في المنطقة. هذا الخوف علينا صدُّه وفتح باب الإبداع لدى الشباب العربي بمختلف ألوانه، والعمل على عودة الفكر الشاب من الهجرة لخدمة المنطقة، وذلك من خلال المبادرة التالية:

بناء مركزًا باسم "بيت الحكمة” لإستعادة الإرث التاريخي والحضاري والثقافي والعلمي والتجاري والعمراني للعرب والمسلمين، وذلك عبر "الشباب المختار” أي الشباب المبدع والمتميز بعلمه وثقافته وطاقاته الإيجابية من مختلف الإختصاصات ومن شتى البلدان العربية، ويكون "بيت الحكمة” "الرسالة الحضارية” بسواعد الشباب العربي نحو شرقٍ حاضره ومستقبله "إقرأ” كما أمرنا الله سبحانه وتعالى.

"الشرط الأساسي والجوهري للإصلاح هو رغبة الشعب في التغيير، وفي حال كان الشعب السعودي مقتنعًا، فعنان السماء هو الحد الأقصى للطموحات.” هذا مقتطف من حديثكم لصحيفة "واشنطن بوست”، مما يؤكد أن القيادة الشابة تمدُّ يدها لناسها كي تُغيِّر نحو الأفضل وهذا يمنحكم الشرعية بلقب "أمير الشعب”. ونحن نمدُّ يدنا لكم كي نُغرِّد ونُغيِّر ونُعمِّر ونُصلح سويًا من أجل أمة عربية شرقية طموحها عنان السماء، ونُعيد للشرق قيمته الدينية والفكرية والثقافية والحضارية.

                                                                                                                                                                                                                                      والله وليُّ التوفيق