بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 كانون الثاني 2020 12:00ص إحصاءات كاذبة لنجوم من كل الأحجام ولا أغنية لهم تنجح جماهيرياً..

إختراع مهرجانات مع رعاة كبار لتوزيع جوائز على صنّاع الأغنية

عمرو دياب عمرو دياب
حجم الخط
تعبنا من التكاذب المتبادل بين المرجعيات الإعلامية والفنانين، خصوصاً منهم المغنين ومن حولهم الملحنون وشعراء الأغنية، والذي لا يُصدّق تلك الأرقام المليونية التي تطلع علينا من صفحات فنية في الجرائد اليومية أو على مواقع الأنترنت بحيث نشعر أن الشعب العربي برمّته يتهافت على الإستماع إلى هذه الأغنية أو تلك لأسماء والله لم نسمع بها من قبل وبسرعة البرق لقب النجم الكبير ونكون فعلياً رغم إجتهادنا في مهنتنا لم نسمع بالمعني أو المعنيين كلهم، هكذا فقط تيار حامٍ يجعل الكلام كله عن مجهول وتوصيفه بأنه نجم حيناً ونجم كبير أحياناً.

نتحدث عن فساد يجب إستئصاله في الإدارات الرسمية عموماً ونتغافل عن فساد أخطر عشّش منذ زمن بعيد في الجسد الفني العربي حتى بات كل ما نراه غير قابل للتصديق، وتحديداً كلام الأغنيات وحوارات المسلسلات والأفلام، لأننا نشعر بأن كل شيء مزيّف فكيف إذا ما تعلق الأمر بالعواطف والمشاعر المفترض أنها فيّاضة، وهذا تحديداً سبب رئيسي لأن يكون هناك بون شاسع بين معظم الإنتاج الذي ينهال علينا وعدم إكتراث الجمهور له، فكل الملايين التي يتحدثون عنها من الجماهير المهتمة بأغنية أو كليب على الـ «يوتيوب» أو على أي وسيلة توصيل أخرى، ليست حقيقية فليصمتوا وليكفّوا عن الرياء فلا شيء مما يدعونه صحيحاً بالمرّة.

والله والله ورغم مدد سنوات تعاطينا مع الشأن الفني لم نسمع أغنية ناجحة أو تتردد لمعظم من نقرأ عنهم، على ألسنة الناس. المشكلة مع هذا الوضع أنه لا توجد وسائل لضبط كل هذه الإدعاءات وتفنيدها، كل ما نستطيعه يصبّ في خانة أن صدى الناس الحقيقيين هو ميزاننا، والواقع هذا يضرّ تماماً بالأغنية العربية لأن الترويج لما هو متواضع المستوى يُخفي أغنيات ومشاريع جيدة لمن يحترمون أنفسهم ولا يتعاطون بهذه الوسيلة إعلامياً لما فيها من دهاء يتمّ تمريره على قلّة من الناس، وبالتالي يفترض كشف زيف هذه الإدعاءات حتى لا تتحوّل إلى مرجعية تعتقد نفسها موثوقة.


ملصق لمهرجان أفريقي موسيقي



هنا لا بد من القول إن أغنيتنا العربية عموماً تواجه مرحلة مراوحة من دون نوعية جيدة تعيش مع الناس وتحكي أوجاعهم وتكون صدىً لآهاتهم، فكل ما يصدر في عالمنا الناطق بالضاد هو من نوع الترفيه، وربما كان أصدق مثال على توصيفنا ما يغنيه الفنان الذي نحب ونحترم عمرو دياب فهو لم يُبدّل في أسلوبه ونوع أغنياته أبداً بل ظل محافظاً على خط ثابت لم يحد عنه أو يغيّره، وإذا بكل الغناء هذه الأيام ينحو طريقته مع فارق أن أحداً غيره لا يعرف حسن الإختيار وهذه مسألة فيها نظر، فبين العفوية والسطحية هامش شفاف الكل يقعون معه في المحظور فيخسرون في معظمهم ويربح وحده.

الذكاء الفني ليس إبتكاراً ولا إختراعاً والمسألة تكون لصيقة بشخصية الفنان وربما تعلّم القليل وطوّر نفسه، أو أن الموهبة الكبيرة تشمله مع حلاوة الصوت وقوة الأداء، والأسف الكبير هنا أننا نقرأ ونسمع تبجّحات من الصغار يقولون بحرية ودونما خجل ما لا يفهمونه أو يمتلكونه من مقوّمات، بينما الكبار وهذه صورتهم لا يقولون شيئاً بل يفعلون كل شيء، وهنا الفارق.

إن علينا والحال هذه منع السطحيين والكاذبين من الترويج لجهلهم وضعف مواهبهم وإنعدام حضورهم الجماهيري بالبقاء على أهبّة الإستعداد لفضحهم ووضعهم في حدود ما يمتلكون بإنتظار التوصل إلى وسيلة حاسمة تمنعهم من الغناء.