بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 شباط 2020 12:03ص إستقدم شباباً من الأرض المحتلّة لدراسة الموسيقى في «بوسطن»

«سيمون شاهين: موسيقى فكر فلسفة» وثائقي في 98 دقيقة

سيمون شاهين مع عوده سيمون شاهين مع عوده
حجم الخط
ثلثا عمره في أميركا. غادر إليها عام 1981 وما زال ناشطاً موسيقياً فيها إلى اليوم من دون أن ينسى بلده وأمته وحضارة الموسيقى الشرقية التي تشرّبها من والده، ومن «أكاديمية الموسيقى في القدس»، فعمل بجدّ على تعزيز صورة ومكانة موسيقانا في تلك البلاد البعيدة ونجح أيّما نجاح في مهمته السامية.

إنه سيمون شاهين (مواليد العام 1955) المؤلف الموسيقي والعازف بإتقان على آلتي العود والكمان. عرفناه من خلال مشاركاته المهرجانية الصيفية في لبنان عازفاً على العود بأسلوب خاص في منهجه، إشتغل عليه وطوّره من خلال تجاربه النوعية في الخارج ليس في أميركا فقط بل في عدد من دول أوروبا والعالم، مما أكسبه شهرة وتقديراً من المحافل الموسيقية المحترمة، وعدد كبير من النقاد والنافذين وكان هذا وراء تلبية دعوته إلى المنتجع الموسيقي الذي أطلقه في بوسطن من قبل عشرات الموسيقيين العرب والعالميين، الذين خضعوا لدورة مكثفة على أصول الموسيقى العربية ودقائقها، فأمضوا أربعة أيام إختصروا فيها برنامجاً يُعطى على مدى ستة أشهر في أي معهد موسيقي عادي، وكانوا جميعاً عرباً وأجانب سعداء بما تلقّوه من معلومات وخبرة عن الموسيقى العربية بمقاماتها وأنغامها وأبرز مميّزاتها.


ملصق الفيلم الوثائقي

ما قادنا إلى هذا الكلام الشريط الوثائقي الذي عرضته «دار النمر للفن والثقافة» بعنوان «سيمون شاهين: موسيقى فكر فلسفة» في 98 دقيقة من إنتاج تلفزيون الجزيرة عام 2017، ضمن فعاليات «مهرجان بيروت للأفلام الفنية الوثائقية»، في إخراج جاذب لـ «طارق بن إبراهيم» (يعيش في نيويورك)الذي يُنجز هذه الأيام فيلماً عن «القهوة في العالم»، حيث قدّم لنا نموذجاً من المبدعين العرب في أميركا لم ينسَ عالمه وفضاءه وحضارته العربية في خضم الثقافة الأجنبية التي نهلها سواه وغرقوا فيها فلا أحسنوا التفاعل معها ولا تذكروا ما كان لأمتهم من فضل وتجاوز للحضارات في العالم، لذا لم نستفد منهم نحن العرب، ولا إستفاد منهم الغرب الذي مالؤوه ولم ينفعوه في شيء.

ما إستوقفنا في الشريط هذا التواضع الجمّ للفنان شاهين، فرغم مبادرته بزيارة «رام الله» عاماً بعد عام باحثاً عن مواهب موسيقية، ييسّر أمر سفرها إلى بوسطن للإلتحاق بمعهد بيركلي للموسيقى ومتابعة التخصص في مجال الآلة التي يفضّلونها أو التي إكتشفوا حبهم للعزف عليها هناك ومن ثم جمعهم في إطار موسيقي عربي يندمج مع ثقافات نغمية أميركية ووافدة يتعرفون عليها لكي يدركوا موقع وقيمة موسيقاهم منها. ومرّت الكاميرا على مواهب عزف أو إدارة أوركسترا من لبنان (بسام سابا رئيس الكونسرفاتوار الوطني كمايسترو وعازف على الناي) والخليج (عازفة عود كويتية) مع آخرين من كندا، وأسبانيا وبريطانيا عدا عن الأميركيين العديدين، وقد تعزز هذا الحضور النوعي للموسيقى العربية من خلال إفتتاح المنتجع الموسيقي العربي والذي كثف من دوراته للعازفين الأجانب كي يتعرفوا على الموسيقى الشرقية، وكل من تم التحدث إليهم من الطلبة أو العازفين الأجانب الراغبين في الإستزادة عن موسيقانا، وحّدهم رأي واحد وهو أنهم ذهلوا لهذا الكنز الثمين من الأنغام الذي وسّع من مداركهم ووضعهم على سكة ثقافة متميّزة.


بسام سابا رئيس الكونسرفاتوار على الناي

الفيلم كان فتحاً جديداً في طريقة التعاطي مع الثقافة الموسيقية الغربية، بثقة ومن دون الشعور بالدونية أمام المادة الغربية على حساب التقليل من قيمة العربية لصالحها، لقد شعرنا بالفخر لفنان يناصر موسيقاه، ويساعد الموهوبين من إخوته العرب، ويجهر مُعلّماً الأجانب معنى وقيمة موسيقاه قبل أن يسكر من موسيقاهم وهو لا يعرفها.