بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 أيلول 2017 12:44ص «بليغ حمدي» بلغ الـ 24 عام غياب وما زال بين أبرز الحاضرين الإبداع خلال النوم «هبل» لأنّه إبن الوعي والتقدير والنور...

حجم الخط
بعد الموسيقار محمّد عبد الوهاب ورياض السنباطي، وفرد الأطرش، يليق التوصيف بـ بليغ حمدي، هذا الشرقي المتنوّع والثري الذي استطاع أن يجد مكاناً ومكانة له في عالم النغم بين الكبار، فحظي باحترام وتقدير الجميع في الوسط الفني، وحب جمهور عريض من السميعة.
24 عاماً مرّت على وفاة «بليغ».
مصر فقط عبر فرقة عبد الحليم نويرة، وبعض الحفلات الخاصة ما بين القاهرة والاسكندرية وغناء عدد من الأصوات الشابة لأغنياته الكثيرة التي صاغها للسيدة أم كلثوم (ألف ليلة وليلة، أنساك) وردة (العيون السود وكانت أول تعاون بينهما عام 72) صباح (جاني وطلب السماح، أمورتي الحلوة) وعدد لا حصر له من المطربين أمثال فايزة أحمد، هاني شاكر، وغيرهم، وهو اكتشف أكثر من مطرب (علي الحجار، عفاف راضي، وميادة الحناوي) لكنه أعطى أكبر عدد من الألحان لـ وردة التي تزوّجها وعاش معها حقبة متقلبة، لكنها كانت منتجة جداً ورائعة في مجال الغناء الذي يعيش في البال (إسمعوني، دندنة).
الكلام عن «بليغ» يتدفّق عندما تعلم كم حظي في حياته بإشادات من أم كلثوم التي اعتبرته الواد الجن بتاع الألحان الجماهيرية، وعندما استدعته إلى منزلها أخذ معه خمسة مشاريع أغنيات كي تسمعها وبادرته: ومين قالّك عايزة اشتغل معاك... فرد: أُمّال حناخد شيشة مع بعض وأمشي... وضحكا معاً.
وفي لقاء أجريناه معه في منزله بشارع جامعة الدول العربية بالقاهرة، فزنا منه بالعديد من المواقف الرائعة في مجاله، ومنها استغرابه عندما سألناه عن الجيل الجديد، ورأيه به، فقال: إياك تقول أي كلام سلبي عن اللي يشتغلوا اليومين دول، لو مش عاجبينك يبقى بيشتغلوا لزمن غير زمنك، ولجمهور غيرك إنت.
ثم أعطى مثالاً على أحمد عدوية ومن كانوا وما زالوا ينتقدونه على طريقة ونوع غنائه فأكد بحزم: كل اللي بيغنوا وناجحين جماهيرياً، بيقلّدوا عدوية هو اللي سهّل لهم الطريق قبل أكثر من 30 سنة.
وأكثر ما جذبنا إلى حديثه عندما تحدّث عن طريقة إبداعه وضحك من كل قلبه عندما سألناه هل تصحو أحياناً من نومك كي تكتب نوتة موسيقية جاءتك في المنام بعدما أتعبتك وأنت صاح، فأجاب: إيه الهبل ده، الفن والإبداع إبن الصحوة، إبن العقل المفتح، مش وهو نايم.
لفترة عاش «بليغ» أسير الحكايات الخاصة التي رغم كثرتها لم تؤثر على سمعته وصورته كفنان كبير، من مشاكله مع وردة، زوجة له ثم مطلقة، وحول قضية السيدة المغربية سميرة المليان التي قتلت في منزله ولوحق قضائياً بسببها، وما تردّد عن علاقة عاطفية ومهنية معاً، ربطته بالفنانة الكبيرة ميادة الحناوي، وأكثر ما كان مؤلماً في حياته مكوثه خمس سنوات ويزيد في باريس حتى تسقط عنه التهم بتقادم الزمن، ويعود إلى مصر بعدما أُسقطت عنه بكاملها.
نعم عانى.
نعم أبدع، لكن أحداً لا يستطيع حجب عبقريته وقوّة الألحان التي صاغها للكبار، وعندما تعامل مع الفنانة صباح قال لها: لو ألاقي زي النفسية الرائعة اللي عندك. كان يحترمها ويحب شخصيتها المتسامحة والمندفعة والمحبة للجميع.
24 عاماً مرّت، والرجل حاضر بقوة كأنه أحد الأحياء الفاعلين..
إنّها ضريبة الفن، لكنها حسنته في الوقت عينه، أنْ يبقى الفنان حياً بإرثه حتى وإن دفن جسده. بليغ طاقة كبيرة يصعب اختصارها في مقالة أو دراسة..