بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 تشرين الأول 2019 12:00ص «ذي فويس» حضور مكثّف إلى حدِّ التُخمة للأصوات الجميلة

ظاهرة تستوجب توظيف المواهب كبديل للمحترفين على الخشبات ..

حجم الخط
لا نستطيع تغييب إسم الراحل مؤخراً المخرج الكبير «سيمون أسمر»، عن الواجهة كلما تطرّقنا إلى موضوع المواهب الغنائية وهو المسؤول عن ترفيهنا وإمتاعنا بِكمٍّ كبير من النجوم الذين حضروا في حياتنا فملأوها سعادة وتعديل مزاج على مدى نصف قرن، لكن هذا الجيل الذي يحمل بصمة «سيمون» بات مطلوباً العثور على رزمة مواهب بديلة تبيّن أنها موجودة وبكثرة، لا بل هي جاهزة وفوراً لتسلّم زمام القيادة ودفع الحاضرين إلى الوراء وأخذ المبادرة بالتغيير.

ومن متابعتنا للحلقات الثلاث الأولى من الموسم الجديد لبرنامج «ذي فويس» تأكّد لنا أن بطن الأمة العربية ما زالت قادرة على إنجاب المواهب الكبيرة بدليل ما واكبناه من طاقات صوتية قوية جميلة كبيرة وتفوّق في حالات عديدة المحترفين حنكةً ومهارة أداء، وهي متوفرة بنوعية ممتازة في مشرق الأمة كما في مغربها، بما يعني أنها ببساطة المعادلة تضع المسؤولية بين يدي البرنامج والقيّمين عليه لكي يجدوا الوسيلة الفُضلى لرعاية ومواكبة هذه الطاقات حتى وصولها إلينا بأفضل السبل والخطط الموضوعية فلا يكفي أن نكتشف موهبة بل أن نرعاها ونثقّفها ونلمّعها حتى تُعطي أفضل ما عندها من إبداعات.

وإذ نعتمد على ما سبق من مواهب ظهرت في مواسم مختلفة من البرنامج للصغار وللكبار، نجد أن كل الصخب الذي رافق أصحاب الحناجر المهمة والرائعة قد خبا، بينما كان الأمر يستوجب خطة إستراتيجية لإستغلال من برز وبرع ولمع، في فريق واحد يتم برمجة نشاطه وفق آلية تأخذ وقتها لأخذ أفضل ما يستطيعه هؤلاء سواء كمجموعة، أو فُرادى، بحيث يشعرون بالأمان المادي والفني للعطاء، فكيف نُفرّط بهكذا طاقات ونحن نحتاجها بإلحاح بعدما مرَّ ما يقرب النصف قرن على إقامة أسماء بالعشرات بيننا ما عُدنا اليوم نحس بإنجازات جديدة لها، والأجدى تطوير نتاج الجدد حتى نُبدّل دم الغناء في يومياتنا، علنا نفوز بفريق يأخذ مكان الحاضرين فقد حان وقت تقاعد معظمهم فنياً وليس بداعي التقدّم في السن.

والحق الحق نقول إن سعادتنا غامرة ومضاعفة لأن كل من مرّوا تقريباً في الحلقات الثلاث كانوا جيدين، وقد لاحظنا أن عملية الإختيار لم تكن سهلة فالعثور على خامات متميّزة في دنيا العرب والعالم ليس مسألة متيسّرة بل تحتاج إلى دأب وبحث ومعرفة وصبر، مع أننا كنا نفضّل أن يغني الجميع بالعربية منذ البداية لا أن يُترك الأمر إلى الحلقات الخاصة بالتصفية لإمتحان المتبارين في أغنيات عربية، لكن هذا الجانب لا يُمثل قضية تعيق العمل التحكيمي لاحقاً. ومع ذلك يظل السؤال: ما العمل إزاء كل المواهب التي تابعناها وأحببناها وتفاعلنا إيجاباً مع حلاوتها وتميّزها، هل يُعقل أن تُستبعد وينتهي الأمر معها هكذا.. كيف يحصل هذا؟!

إن البرنامج قادر على تحويل نفسه إلى معهد، أو مؤسسة تحتضن الطاقات المبدعة وتستثمرها في برامج وحفلات وحتى في أعمال مشهدية للشاشتين، بحيث لا يكون البرنامج كمن عثر على كنوز ثم بدّدها لأنه ليس بحاجة لثروة إضافية، فأفضل المرجعيات لرعاية هؤلاء هو البرنامج الذي يستطيع رصد ميزانية كافية لوضع مشاريع مختلفة لهؤلاء تُبقيهم على قيد الحياة والشهرة فنياً وتستفيد من طاقاتهم في أكثر من مجال، فليس صرف المال بوفرة للعثور عليهم ثم إعتبار أن المهمة إنتهت عند تقديمهم ونجاحهم أو عدم نيلهم صفة «ذي فويس»، لا الأمر غير ذلك تماماً والذي حفزنا على الكتابة أننا خفنا على هذا الكم الرائع من الحناجر أن يضيع في الزحام الفني السائد، ويذهب إلى إهتمامات غير الغناء.