بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 حزيران 2019 12:10ص «طيَّات الكون» عمل مشترك بين «عمر راجح» و«بالاسيو»

الرقص المعاصر موصول بالموسيقى حتى يبلغا مئذنة حلب...

عمر راجح راقصاً وحيداً عمر راجح راقصاً وحيداً
حجم الخط
لعبها «سولو» وتفوَّق..

مصمم الرقص، والراقص المبدع عمر راجح، قدّم «ستاند أب كوميدي» رقصاً، كان وحيداً على الخشبة الدائرية في مسرحه الجميل: «سيتيرن بيروت» والتي زوّدها بمقاعد وثيرة مميّزة وجعلها تتواجد في ثلاث جهات، تاركاً المساحة الرابعة للحضور التقني في الأعمال المقدّمة.

ليلة السبت في 22 حزيران/ يونيو الجاري إستمتعنا بـ 50 دقيقة من الفن الراقي، المتزن، المعبِّر، الذي يروي حكايته بكثير من العمق والتأثير مستعيناً بموسيقى حرَّكها وأبدعها بابلو بالاسيو الذي حضر خلف «لابتوب» تواصل مع عمر في وسط وعلى أطراف الخشبة من خلال الموسيقى التي تعلو وتهبط وفق حركية «عمر»، وعندما يدخل الأذان إيحاء بالجامع الأموي في حلب، والمئذنة التي دمّرت عام 2013 هناك بفعل المعارك العنيفة التي شهدتها المدينة يومها، والمئذنة هذه خصَّها الفنان راجح بعمله السابق الذي حمل عنوان «مئذنة» وقدّمه في إفتتاح المسرح، وأحدث معه ضجة كبيرة لعمل إبداعي جميل ورائع ما زال صداه يتردد فينا ومعنا منذ شاهدناه.

(Origami Cosmos) عنوان العمل الجديد للفنان راجح، الذي غادر إلى اليونان في اليوم التالي (الأحد في 23 الجاري) للمشاركة في مهرجان للرقص المعاصر هناك، وقد حصل إنفعال وتجاوب إيجابي جداً مع المسرحية الجديدة (التي تعني طي الورقة عدّة مرات) وهو ما أدّاه عمر بثبات ونجاح، وكان رقصه يتبلور، يتبدّل، ويتصاعد كلما إنفعل مع الموسيقى التي جهّزها وأشرف عليها الفنان بالاسيو، حيث دخلا بداية معاً إلى وسط الخشبة الدائرية، وغادراها معاً في ختام العرض، الذي كان رائعاً فيه، تلك المزاوجة بين الموسيقى الغربية الإيقاعية، وصوت الأذان، مع الصلاة على النبي الكريم والتماهي في التغنّي بأسماء الله الحسنى، ثم بضربات على الدف الكبير إيحاء بمناخ الله أكبر، والله حيّ.

هذا المزج جاء عالي التأثير لأنه عكس حضور «عمر» وهو يتحرك على تلوّن الموسيقى، والمناخ العزفي المواكب، وأحياناً كان مناخ «الله حي» مع تكبير «الله أكبر» يبدو صافياً في ومع المناخ الأجنبي، حتى حصلنا في غالبية الوقت على متعة المزج والسماع والتفاعل.

لا شك أن فضل جماهيرية الرقص الحديث يعود إلى الفنان راجح الذي راهن على ذلك طوال السنوات الماضية وقدّم عبر مهرجان «نيبور» نماذج عالمية حببت هذا الفن العصري والجميل، إلى فن مطلوب في عالمنا العربي الذي يحب الغناء، وإذا به مع مهرجان البستان يقرِّب الموسيقى الكلاسيكية ثم المتنوّعة من جمهور المهرجانات، والمرابع المختلفة، وها هو الرقص الحديث يدخل على الخط ويحظى بجماهيرية واسعة سواء مع الروّاد أو النقاد.

عرض «طيَّات الكون» أيقظ فينا حساً جميلاً وعميقاً بأهمية التفاعل بين النغمات والرقصات، فكيف إذا كان التماهي يأخذ صفة الإحترافية العالمية، بما ينعكس متانة في التأثير، طمعاً في الفوز بمخزون كان يؤسّس تباعاً لرغبة في الرقص ومعرفة معاني الحركات واللوحات، بما يرفع سقف التقدير، وعلامات الإعجاب والتفاعل.

 المصدر: جريدة « اللواء»