بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 آب 2018 12:00ص «لطفي بوشناق» أعاد الغناء إلى قواعد الأصالة والإمتاع والجماهيرية

«شقيف 2018» شهد سهرة طربية عربية نخبوية والأكثر تميّزاً

حجم الخط
لأول مرة نقصد قلعة الشقيف، سمعنا الكثير عنها، وكانت فرصة أن نزورها من بين المواقع الأثرية العديدة التي تحتضن عدداً لا بأس به من مهرجاناتنا الفنية الصيفية التي فاقت هذا العام الـ 150، وصعقنا المشهد الجميل والرائع منها لما حولها من قرى تمتد في كل الإتجاهات، ووجدنا في إعتمادها من قبل مهرجانات صور موقعاً وطنياً مناسباً وله مكانته ورمزه لإستعادة هذه المهرجانات قيمتها وموقعها بين مهرجانات الصف الأول.
شدّنا للذهاب إلى المنطقة موهبة وطاقة الفنان التونسي العربي الكبير «لطفي بوشناق» وهو خيار رائع لإبعاد الناس كباراً وصغاراً عن أسماء يُروّج لها على أنها كبيرة لكنها في الواقع متواضعة القيمة والمستوى وتُسيء أكثر مما تُفيد في الحفلات التي تقيمها تباعاً. وكان رهاننا في مكانه، فقد أمضينا ليلة لا تُنسى، مع فنان يحمل رسائل عاطفية ووطنية وفنية لا عدّ لها، لا يختار قصيدة أو نصاً لغنائه إلاّ وتكون له علامات فارقة إنسانياً بحيث لا تمر أي أغنية له مرور الكرام.
مع عوده، حوله 13 عازفاً وإثنان من الكورال، لكن النتيجة كأننا أمام أوركسترا ضخمة، تملأ فضاء القلعة وتفاصيلها الجاذبة، بينما مارس كل شخص إختار تمضية السهرة مع هذه الطاقة الإبداعية المحترمة فعل الغناء وحتى الرقص على الأنغام الشرقية، لذا شارك الجميع في الغناء حتى أطلق عليهم «بوشناق» توصيف «أنتم أهم كورال في العالم»، فيما كان هو في مرتبة لا ينافسه فيها أحد لجهة الجذب الجماهيري وتحريك المئات من خلال عوامل متعددة، منها الخيار الغنائي، والأنغام الملائمة للتخت الموسيقي الشرقي الموروث والمحسّن بإضافات عصرية لها طعم التجويد.
ساعتان ويزيد قليلاً لم يرتح فيها الفنان الستيني (65عاماً)، ولا ملّت ريشته العزف وقيادة رفاقه وكان كل شيء منتظماً ربما لأن الفريق إعتاد العمل معه في حفلاته أينما حلّ في دنيا العرب والعالم، وهو كان رقيقاً في أغنيات الحب والوجد والحنان (عجبي منك ومنّي عجبي، أيها الساكن عشاً في الهوى، حبيتك وتمنيتك ونسيت روحي وما نسيتك، أنا مسافر مش داري حدود الآه، يا قلب كذبت نفسي، أنا حبيت وإنحبيت وإتمنيت وداريت حبي يعيش، لاموني اللي غاروا مني، سمرا يا سمرا، إنتي شمسي إنتي) وحازماً ثابتاً مباشراً وصائباً حين إعتمد توصيفات واضحة لواقعنا العربي اليوم وخص لبنان بأغنية تصدّرت الألبوم المُهدى لبلد يحبه ويحترم أهله «لبنان» فأعطاه هذا الإسم وغنّى له «بحبك يا لبنان وبحبك بجنون، بحبك يا لبنان صامد مهما يكون، تونس أحبابك نادوا بأعلى صوت، بحبك يا لبنان وبحبك بجنون) وسجّل مواقف قومية صفّق لها الحضور بقوة وصخب فغنّى (أنا العربي عزيز الروح لي فجر من الأمجاد، أنا العربي من سيشهد في نهاية الحياة على الحياة، إذا ما البحر طوّقني بموجه صنعت من موجه طوق النجاة، ما أخاف من الفقر لكن كل خوفي من الضباب، خذوا المناصب والمكاسب بس خلولنا الوطن، يا وطن وإنت حبيبي، إنت أجمل وإنت أعظم من الكراسي، أنا عربي أصيل خلّتي خلّتي وفي أصالتي تكمن علّتي، كل شيء تيك وتيك، يا معوّد عالتكتيك، أنا راجع إرعى غنم، راجع إرعى غنماتي يمكن أفهم أكتر، أجراس العودة إن قُرعت أو لم تُقرع).
كم مكثف من الأغنيات. وردّة فعل ولا أروع من جمهور فاهم متذوّق، لاهو أراد إختتام اللقاء ولا الحضور غادر منهم أحد، كانت الكيمياء على أعلى درجاتها بين الفنان «بوشناق» ومن جاء وفياً محبّاً ومقدّراً.