بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 شباط 2019 12:00ص «مشاهد من الحياة الزوجية»: «بيرغمان» ملبنناً مع «ميشال جبر»

«نيللي» و«رودريغ» خيار موفَّق غرزته كيمياء إيجابية...

حجم الخط
النشاط المسرحي يتابع بلورة حضور مميز على عدد من الخشبات البيروتية، وأحدث من دخلت على الخط: «مشاهد من الحياة الزوجية» للمخرج ميشال جبر، مستنداً إلى الشريط المعروف لعبقري السينما العالمي إنغمار بيرغمان، خصوصاً وأن قضايا وحيثيات ومشاكل الأزواج تتشابه شرقاً وغرباً، مع نواحٍ بسيطة من الخصوصية.
على خشبة المدينة يتواجه الممثلان نيللي معتوق، ورودريغ سليمان... كزوجين معاً منذ عشرين عاماً، إنهما مختلفان غير منسجمين إلى حدّ إعلان الزوج «ربيع» أنه على علاقة مع إمرأة ثانية ويرغب في الإنتقال للعيش معها، وتتحول الزوجة ندى (نيللي) إلى إمرأة ضعيفة تحاول التخفيف من حدة المواجهة حتى لا تخسر رجلها أمام إمرأة أخرى منافسة، من دون أن يجدي ذلك نفعاً، فالرجل يجمع بعض ملابسه في حقيبة صغيرة للمغادرة.
يحصل هذا بعد عمر مديد من الحياة معاً، يعترفان معه أنهما كانا سعيدين تحت سقف واحد، يسافران، يسهران، يعشق أحدهما الآخر، لكن ما الذي تبدل بعد طول العشرة هذه. المسرحية تقول إن إنعدام المفاتحة بين الزوجين ومصارحة أحدهما الآخر بما يشعر به، وبما يزعجه، أظهرهما كاذبين، لم يستطع أي منهما التجرؤ ومفاتحة شريكه بما يجول في خاطره، وبما يؤرقه ويعكر صفو حياته، ولو أنهما فعلاً ذلك منذ البداية لما وصلا إلى مرحلة الطلاق بعد طول هذه المدة من التكاذب والخداع وطمر النوايا.
تذهب المسرحية مع هذه الصورة إلى الآخر لتؤكد أن المصارحة ركن أساسي من قواعد الزواج الصحيح، ومن دونها لا وفاق ولا إتفاق ولا إستمرارية، ويوفق المخرج «جبر» في نصه، كما في الكاستنغ فإختيار بطليه كان موفقاً جداً، لأن الكيمياء التي تسري بينهما خدمت الفكرة الأساسية وجعلتهما نموذجين مناسبين لهكذا إختبار فني موفق، فإذا تحدثا، أو تشاجرا، أو عاند أحدهما الآخر وصولاً إليه حين هاجمها وأوسعها صفعات، كانا رائعين مقنعين وقويين، خصوصاً حين إستلهمت القوة عندما زارته في مكتبه لكي يوقع على وثيقة الطلاب، وبدت في حال غير معهودة من الانسجام والسعادة، في وقت بدا هو قلقاً، ولا يقوى على شيء.
قوة ربيع وندى تظهر وهما هادئان كما عندما يثوران ويحطم واحدهما ما طالته يداه، وكم كانت مفارقة أضحكتنا كثيراً، حين تحية الوداع مع جمهور الحاضرين فقد غمرت الممثلة «نيللي» شاباً كان يجلس في الصف الأمامي، هنا دل عليه زميلها «رودريغ» قائلاً: «هيدا جوزها مش أنا».
وإذا كانت «نيللي» سبق وعملت بإدارة «جبر» قبلاً، فإن «رودريغ» لم يتعاون معه قبلاً لكنه كان أحد تلاميذه في قسم التمثيل ويعرف قدراته تماماً، لذا كان الإختيار على قاعدة ما يستطيع الفوز به من الممثلين لتقديم ما يريده، وهو يعتبر وهذا صحيح أنه بلغ مراده منهما.
وفي دردشة مع المخرج «جبر» صاحب «ستربتيز» قبل 16 عاماً أشار إلى أن النّاس تحتاج لطرح مشاكلها علناً، فكيف إذا ما تعلق الأمر بالعلاقة الأبدية الأهم بين الرجل والمرأة، خصوصاً وأنها بدأت تتقهقر مع بروز ضغوطات كثيرة منها الظروف المعيشية التي تدفعهما إلى الاستسلام والطلاب، لذا فمناقشتها تعيد الأمور إلى المربع الأول لكي يتصارح الطرفان قدر الإمكان قبل الاقدام على فعل الانفصال.
«مشاهد من الحياة الزوجية»، مسرحية من فصل واحد، تحكمها مشكلة واحدة هي عدم المصارحة، وبطلتها المرأة التي عليها أن تصبر، وتمتص وتهضم تداعيات مشاعر الرجل مع كل تطوّر اجتماعي أو اقتصادي قابل أن ينعكس على الحال العامة لمن إرتبطا بالزواج وإرتضيا العيش تحت سقف واحد، ولا تختبئ المسرحية من الواقع وتقر بأن على الزوجين أن يتنازلا، ويتفهما، ويبديا قدراً كبيراً من المرونة حتى تجاوز العقبات التي تواجه علاقتهما عند كل مفترق خصوصاً بعد مرور سنوات على إرتباطهما.