بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 تموز 2019 12:45ص «نبع التفاح»: فيها القليل جداً من عبق الرحابنة

غاب التمثيل.. حضرت الخطابة وصوت ضياء طربيه

وليام حسواني خلال التسجيل وليام حسواني خلال التسجيل
حجم الخط
كُثر جداً هم الذين حاولوا تقليد أو منافسة الرحبانيين الكبيرين الأستاذين عاصي ومنصور لكنهم خابوا، فالروح التي تحلّيا بها والعبقرية التي ميّزتهما هي التي جعلت المستحيل حاضراً، والممكن مستحيلاً.

نقول كُثر ونحن نعني الكبار قبل حفنة الهواة الذين من حبِّهم وتقديرهم حاولوا التعبير فلم يفلحوا، وهي صورة بقيت خاصة بالكبيرين الراحلين، وكان ما كان من إعادات قام بها أبناء الأستاذ منصور: مروان، غدي وأسامة، فكانوا أهم من ذكَّر بهذه الروح وهذا الـ «سيستم» الرحباني الذي كان بصدق وواقعية وتجديد إبداع.

هذا المدخل اعتمدناه للإطلالة على عرض مسرحي غنائي راقص حمل توقيع إحدى العلامات الرحبانية: الشاويش، ومن لا يعرف صاحب الشخصية الفنان المثقف والنبيل والوفي وليم حسواني، بعنوان: «نبع التفاح» في تعاون مع مصمم الرقص والراقص منير ملاعب، الذي له باع محترم في الحضور المميّز عبر فرقته التي تحمل اسم «راجانا فيدا»، وكان الموعد الأسبوع المنصرم يوم الخميس على خشبة مسرح «البولفارد» في المجمع الثقافي الرياضي لبلدية الشياح.

واكبنا العمل، لقناعة عندنا بأنه محمي من إسمين ناصعين في عالم المسرح: تمثيلاً وإستعراضاً، ولقناعة بصوت الفنان ضياء طربيه الذي فاجأنا سابقا خلال عرض شاهدناه على خشبة الـ «LAU»، فكانت هذه الثلاثية حافزنا للفوز بليلة متميّزة على الأقل.

«نبع التفاح» في روحها ونصها وأسلوبها وأحداثها شربت من النبع الرحباني وهو ما لن يبتعد عنه الفنان حسواني صاحب التجربة الطويلة مع هذا الخط الفني والإبداعي العميق الذي بدَّل الكثير من مفاهيم المسرح الغنائي والإستعراضي في دنيا العرب، منذ أوائل الخمسينات وحتى الآن.

ولأننا انتظرنا أكثر مما شاهدنا، وجدنا أن في المسرحية القليل جداً من عبق الرحابنة، والعقدة هي في الحضور، التمثيل، وتجسيد الشخصيات، في وقت لم توزع علينا بيانات تعرّفنا علی لاعبي الشخصيات على الخشبة خصوصاً الذي قام بدور الشرير وكان الأفضل بين مجموعة الحاضرين رغم أن جانباً من أدائه فائضاً عن المطلوب وفيه إستعراض أكثر من لعب دور، لكنه كان الأفضل بين زملائه الذين كانوا أقرب الى مناخ الخطابة المدرسية أو استظهار مقطوعة نثرية أو شعرية أمام الأستاذ في الحصة.

في الرقص كان الشباب أكثر إندفاعاً وحيوية وصدقاً من الصبايا، اللواتي كنّ وكأنهن كل واحدة في وادٍ فيما الموسيقى تضجُّ في المكان وقادرة على تحريك كل الأجساد حتى تلك الملتصقة بمقاعدها في الصالة الفاخرة النموذجية والراقية، ورغم خبرة المغنية رنا حميدان إلا أن حركتها الفاقعة على الخشبة وتقليدها الفنانة الكبيرة صباح في بعض حركاتها وأدائها خفّف من حضورها، في مقابل الصوت الذهبي القادر والمليء بالرجولة لـ ضياء طربيه الذي خانته الخبرة في مواكبة صوته المسجل، فدخل التسجيل وشفتاه لم تتحرّكا بعد عدّة مرات، مع خطأ تكرّر عند مقدمة الخشبة، فكان يعطي ظهره لزميلته رنا وهما يتحاوران غناء، فهي تخاطبه لكنه كان يمضي وظهره لها والى آخر سنتيمتر عند طرف الخشبة.

كل هذا لم يمنع عشرات الوافدين من منطقة الجبل للتفاعل مع المسرحية وهم يرون معارف أو أقارب لهم على المسرح الذي غصّ بحوالى ستين شخصاً مع ملابس كانت أحياناً رائعة وأخرى عادية، وكان حرياً أن ينال حسواني صاحب التاريخ العريق مسرحياً درعاً من وزارة الثقافة، فلم يكن طبيعياً أن يقدّم رئيس البلدية السيّد غاريوس درعاً باسم البلدة بحضور الوزير المميّز والوفي والخلوق والمتواضع محمد داود..


ضياء طربيه ورنا حميدان