بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 كانون الثاني 2018 12:04ص الإنتخابات… ضرورة حتمية

حجم الخط
تميّز لبنان منذ قيامه من خلال «دولة لبنان الكبير « حتى يومنا هذا عن محيطه بنظامه الجمهوري الديمقراطي، القائم على الانتخابات النيابية، والتي تعكس إرادة الشعب عبر انتخاب رئيس للجمهورية من قبل ممثليه في الكتلة النيابية. الا ان هذه الميزة، والتي اقترنت منذ تكريسها كجزء لا يتجزأ من الدستور بحرية الرأي والتعبير في بلاد الأرز، لم يتم احترامها ولا الحفاظ عليها كما يليق بقدسيتها. فكان التمديد لمجلس النواب هو الخيار الأظلم عند عدة محطات حرجة… تارة الحرب الأهلية وطوراً دخول الساحة الداخلية في مرحلة أمنية دقيقة بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حيث كانت الاغتيالات أبرز عناوينها والتعطيل لمختلف السلطات أهم علاماتها الفارقة، فكان الدوران بحلقة الشغور الرئاسي وتعطيل السلطة التشريعية وافراغ السلطة التنفيذية من مقوماتها الضربة الأقسى للممارسة الديمقراطية السليمة ، الذي هدد بزج لبنان في نادي الدول المارقة مع كل ما لذلك من انعكاسات خطيرة محلياً ودولياً… 
ولم تستقم الحياة السياسية الا بعد انتخاب رئيس للجمهورية، بغض النظر عن فحوى الاتفاق الذي رافقه وحقيقة النوايا الكامنة وراءه، على أمل أن يتوج هذا الاتفاق بإجراء انتخابات نيابية حسب قانون جديد يلبي تطلعات اللبنانيين الذين تغاضوا طويلاً عن سلسلة تمديد للمجلس النيابي تحت حجج عديدة فرضت طقماً سياسياً عقيماً انجر وراء الكيديات وانساق وراء  المصالح الخاصة، فبقي عاطلاً عن الإنتاجية لمدة ليست بقصيرة. وعندما جاءت كلمة السر لإعادة الحياة للمجلس، تم التوافق على قانون انتخاب هجين، مفصل على مقاس قوى امر الواقع، ولكن هشاشة الوفاق ظهرت عند اول انعطافة فباتت الانتخابات برمتها على المحك، وتوسعت دائرة  التجاذبات من التفاصيل الى إمكانية اجراء الانتخابات او لا، مما يعني نكسة جديدة للعهد وخيبة اخرى للمواطن الذي سئم الجدل البيزنطي اللامتناهي من جهة، وضاق ذرعاً بغياب الحد الأدنى من الخدمات جراء تضارب المصالح المستمر فصولاً! فهل تتمادى الطبقة السياسية بالكبار الحالي وعرض العضلات حتى لو كان على حساب التزام لبنان امام المجتمع الدولي بالإيفاء بمبادئ تداور السلطات التي تشكل حجر الأساس لنظامه الديمقراطي؟ وهل بات الاستسهال بسياسات الابتزاز حتى تطير انتخابات برمتها خياراً مستساغاً؟ 
إن التهديد بتأجيل جديد لا يهدد التوافق الحاصل فحسب إنما يضع العهد وسائر المؤسسات موضع شك حول قدرتهم تنفيذ اجندة لبنانية ولو لمرة، ويؤكد مرة جديدة ان لا تغيير  في المدى المنظور ولا خروج من نفق التردي المعيشي طالما التوافق يعني اتفاقاً على المصالح و ليس الإصلاح… لم تعد الانتخابات شعاراً ولا رفاهية بل ضرورة وجودية للجمهورية ككل.