بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 آب 2023 12:03ص الحاكميَّة الجديدة للحكومة والمنظومة: لا إقتراض بدون إصلاحات

حجم الخط
التعثر المفاجئ لمشروع قانون الإقتراض من البنك المركزي بالعملة الأميركية، كشف مدى عجز السلطة الحالية على إجراء الحد الأدنى من الإصلاحات المالية والنقدية المطلوبة من الإدارة الجديدة للحاكمية، والتي يصرّ من خلالها الحاكم بالوكالة وسيم منصوري ورفاقه النواب الثلاثة على تنفيذها، وفق البرنامج الزمني المحدد في الورقة التي تم تقديمها لمجلس النواب والحكومة قبل إسبوع من إنتهاء ولاية رياض سلامة. 
وخلافاً للأجواء التي أشاعتها جماعة السلطة المترددة والعاجزة، عن موافقة الحاكمية على الإستمرار على إقراض الدولة بالدولار الأميركي من الإحتياطي الإلزامي، على النحو الذي كان يجري في السنتين الأخيرتين، فإن الإدارة الجديدة للمركزي تربط الموافقة على القرض المطلوب من الحكومة،  لتأمين رواتب القطاع العام والأسلاك العسكرية والأمنية، لما بعد شهر آب، بتنفيذ سلسلة خطوات إصلاحية مبدئية وبديهية، لتحسين واردات الخزينة بمعدلات مقبولة. وفي مقدمة تلك الخطوات:
١ــ إعادة النظر بموازنة عام ٢٠٢٣ وتحسين إيراداتها، في فترة أقصاها نهاية آب الحالي.
٢ــ إقرار قانون الكابيتول كونترول القاضي بوضع ضوابط إستثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية خلال الشهر الحالي. 
٣ــ إقرار قانون إعادة هيكلة المصارف وقانون خطة التعافي الإقتصادي والمالي قبل نهاية أيلول المقبل. 
٤ــ تقديم ميزانية عام ٢٠٢٤ في تشرين الأول والإنتهاء من درسها وإقرارها نهاية تشرين الثاني. 
التهرب الحكومي من تبني مشروع  قانون الإقتراض في اللحظة الأخيرة، عزز الشكوك بعدم قدرة حكومة تصريف الأعمال، التي تعصف بها رياح الخلافات من كل حدب وصوب، على إعداد مثل هذا القانون، ودفعت رئيسها إلى رمي الكرة بإتجاه مجلس النواب، مخاطراً بعلاقات التفاهم مع الرئيس نبيه برّي، ودون أن يضمن الحصول على التغطية اللازمة من عين التينة. 
أما ما يُقال عن إستعداد الإدارة الحالية للمركزي الإستمرار بسياسة إقراض الدولة مما تبقّى من أموال المودعين في الإحتياطي الإلزامي، فلا أساس له من الصحة، لأن القرار المتفق عليه في الحاكمية  يشدد على أن يقترن الإقتراض بالإصلاحات، وفي حال توقفت الخطوات الإصلاحية بعد البدء بتنفيذها سيتوقف صرف بقية قيمة القرض. 
«خريطة الطريق» التي وضعها النواب الأربعة للحاكم في الأسابيع الأخيرة من تموز الفائت، تشكل تحدياً صعباً للحكومة وللمنظومة السياسية برمتها، التي مازالت غارقة في خلافاتها الحزبية والأنانية غير عابئة بما وصلت إليه الدولة من إفلاس، ولا بتزايد التدهور المعيشي للأكثرية الساحقة من اللبنانيين التي سقطت تحت خط الفقر. 
ولن تنفع هذه المرة، تهويلات أهل السلطة ومتاجراتهم برواتب الموظفين والعسكريين، للضغط على المركزي لهدر المليارات المتبقية من الإحتياطي الإلزامي لأموال المودعين، وهي أقل من عشرة مليارات، بحجة إقراضها لخزينة الدولة، فيما الحكومة ورئيسها يكتفيان بتعداد إضراب موظفي المالية والعقارية، ويعجزون عن ضبط عائدات الجمارك حيث تهريب البضائع المستوردة على قدم وساق، ويتقاضى أصحاب النفوذ بدلاً مقطوعاً عن كل كونتينر، مهما كانت محتوياته، حارمين الخزينة المفلسة من مئات ملايين الدولارات شهرياً. 
ولعل كلام الحاكم بالوكالة وسيم منصوري في معرض رده على التلويح الحكومي بالإنهيار، يرسم صورة المرحلة الجديدة في البنك المركزي: لا نخاف من حصول الإنهيار، لأننا نفضل أن نحافظ على أموال المودعين أولاً حتى نقف من جديد بعد الإنهيار، أما الإستمرار بتجاهل الإصلاحات والإلحاح على الإقتراض، فسيؤدي إلى ضياع أموال المودعين وحصول الإنهيار، والعجز عن الوقوف مجدداً. 
فهل يتحمل أهل السلطة والسياسة مسؤولياتهم الوطنية ويفرجوا عن الإصلاحات الضرورية لإطلاق مسيرة الإنقاذ؟