بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 نيسان 2020 12:01ص حكومة تخاف من ظلّها!

حجم الخط
تستمر حرب لبنان على الكورونا في ظل أسوأ أزمة اقتصادية ومالية تشهدها البلاد منذ نهاية الحرب الأهلية، حيث يقتصر الأداء الحكومي على مواجهة الجائحة بشكل مقبول، في حين يسجل فشلاً ذريعاً في سائر الملفات الأخرى. فعلى الرغم من اعتراض شريحة كبيرة من اللبنانيين على تسمية الرئيس دياب وعلى التشكيلة الحكومية، التي روّجت لنفسها بالاختصاص والاستقلال السياسي عن الأحزاب، إلا ان الفرصة كانت قد أعطيت لها ضمناً، حتى من اشد خصومها، على أمل وضع حد للانهيار الاقتصادي والخروج بخطة مالية تعيد للوطن الصغير بعضاً من مداخيل الدولة الى خزينتها المنهوبة، مما يوحي بالجدية المطلوبة محلياً ودولياً من ناحية الإصلاحات ويستعيد بعضاً من الثقة المفقودة! 

إلا ان الواقع العاجز لهذه الحكومة سرعان ما بدّد كل الآمال وضرب كل فرص الخروج من هذه الحفرة السحيقة! الصدمة الكبرى كانت بالخطة الاقتصادية التي تبنت تسديد عجز الدولة من جنى عمر المودعين، بغض النظر عما اذا شكلوا عشرة بالمئة ام لا، كما ادعى الرئيس دياب... فهذه الشريحة، إما أودعت تعويض نهاية خدمتها ليؤمن آخر أيامها بكرامة، او اختارت الوطن الأم لإيداع عصارة سنوات الغربة المريرة، أو حتى آمنت بالوطن النهائي وكافحت لتصمد في احلك الظروف الأمنية والاقتصادية... انها عشرة بالمئة من اللبنانيين الذين لم يستفيدوا من السرقات لمقدرات الدولة والنهب الممنهج لإيراداتها ولا لصفقات التلزيم المفضوحة والتي لا تزال مستمرة حتى اليوم، والتي أوصلت العجز الى ما هو عليه! 

فعن أي أهل اختصاص نتحدث عندما تكون الحلول الأسهل والأسوأ هي المعتمدة... فالدولة التي لا تقدم أية ضمانات او دعم لمواطنيها، تتجرأ اليوم  لتطال صناديق الضمان ونهاية الخدمة للنقابات الخاصة، اضافة الى جنى عمر فئة ذنبها انها وضعت مدخراتها في مصارف تشارك المودع في ربحه وتجبره على مشاركتها خسارتها بسبب سوء قراراتها وتواطئها مع الطبقة الناهبة للخزينة العامة. ولم تتوقف القرارات الجائرة هنا، بل كل يوم يستفيق اللبناني على خضة مالية جديدة، فيوماً يُهدد باقتطاع أمواله، ويوماً بتحويل حساباته الى الليرة، والبارحة اصدر مصرف لبنان تعميماً بسحب التحاويل الحديثة من العملات الأجنبية (fresh money) بالليرة، في ضربة اخيرة لأهالي المغتربين أولاً الذين يعتاشون من هذه التحويلات، ولإفقاد ما تبقى من ثقة بقطاع مصرفي ودولة باتوا أشبه بقطاع الطرق الذين يستبيحون أموال الناس من دون خوف من محاسبة. في مشهد أسوأ من أفلام الرعب حيث تتحوّل السلطة الى جزار من دون حسيب او رقيب! 

لقد أعلن الرئيس دياب ان الكثير من الدول تتعثر ولبنان ليس الوحيد، لكن ما فاته ان لبنان لم يتعثر بل نُهب، وحكومته المستقلة لا تزال تحابي وتراعي الافرقاء السياسيين بدلاً من وضع حماية المواطن وما تبقى من لقمة عيش بكرامة في اعلى سلم أولوياتها؛ فالسقوط بدأ بالتعيينات، وانسحب سهواً ام عمداً لا فرق، على وضع حد للفساد ومحاربة الفاسدين تمهيداً لاسترداد ولو جزء من الأموال المنهوبة... والأهم، ان خطط حكومة الاختصاصيين التي تميّزت عن سابقاتها، أظهرت فشلاً يفوق سابقاتها بما انها لم تنجح بوضع مرفق واحد منتج للدولة ضمن خطة الإنقاذ الاقتصادي، فلا ملف الكهرباء تمت معالجته لتوفير ملياري دولار التي يهدرها بالسمسرة ووضع اليد عليه كأنه ملك خاص، ولا الجمارك المتفلتة والمحسوبة على فريق معين تم حسبانها ضمن القطاعات التي تعود على خزينة الدولة بمبالغ طائلة تسد الكثير من العجز، ولا ملف الخصخصة لبعض القطاعات، كالخليوي على سبيل المثال لا الحصر، طرحت، ولا حتى املاك الدولة البحرية المستباحة والتي تساوي المليارات، والتي هي من حق  اللبناني الذي بات يعيش تحت خط الفقر.

إنها حكومة سقطت الأقنعة عنها بأسرع مما كان متوقعاً، وبالتالي بات سقوطها في الشارع على وقع صرخة شعب منهوب ومستباح وجائع رهينة الوقت لا أكثر.