بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 شباط 2024 12:54ص نواف سلام نموذج اللبناني المحلّق في الفضاء الدولي

حجم الخط
إنتخاب اللبناني نواف سلام رئيساً للمحكمة الدولية ليس حدثاً عادياً، ولا قراراً روتينياً، بقدر ما هو إنجاز لبناني وعربي تاريخي كبير، لا يمكن حصوله كل يوم. 
الأستاذ الجامعي، المفكر السياسي، الديبلوماسي الناجح، القاضي الدولي، هو نموذج للبناني المحلّق في الفضاء الدولي، يزرع طموحات فوق الغيوم، وينسج نجاحات بمستوى النجوم، فيما وطنه يكاد يغرق في وحول السياسات الغبية والفاشلة، ويُعاني من الإنهيارات والأزمات. 
لقد أثبت نواف سلام أن الكفاءة اللبنانية تبقى فوق الإعتبارات القومية والطائفية والعرقية، وتنال مكانتها اللائقة والتي تستحقها في الخارج، وإن بقيت موضع إنكار في الداخل، حيث الحسابات السياسية الضيقة، والإنتماءات الطائفية العمياء، والولاءات الحزبية والشخصية الرخيصة، تبقى هي المقياس الأول والأخير. 
لطالما كان لبنان حاضراً في المنتديات الدولية، وخاصة في منظمات الأمم المتحدة، حيث شارك الدكتور شارل مالك في وضع شرعة حقوق الإنسان، وتولى شارل عمون منصب نائب رئيس المحكمة الدولية، وكان السفير نواف سلام آخر اللبنانيين الذي ترأسوا مجلس الأمن الدولي، قبل أن ينضم إلى المحكمة الدولية عضواً عام ٢٠١٨، ثم رئيساً لأعلى محكمة في العالم. 
لا شك أن كفاءات نواف سلام العلمية، وخبرته في العمل بالمؤسسات الدولية، ومواكبته لتطورات الأحداث العالمية، ومتابعته لخلفيات النزاعات الإقليمية والحدودية، ستساعده في مواجهة تحديات المسؤوليات الجسام لمنصبه الجديد، والقيام بمهام رئاسة «محكمة العالم» بدراية ونزاهة مميزتين، يؤكدان موضوعية وقدرة اللبناني على تولى أهم المناصب عن جدارة وإستحقاق. 
وتولي لبناني رئاسة المحكمة الدولية التي تنظر حالياً في شكوى دولة جنوب إفريقيا ضد الدولة الإسرائيلية بتهمة شن «حرب إبادة جماعية» ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، لن يُغيّر في مجرى العدالة الدولية، التي ستقول كلمتها الفصل نتيجة مداولات قضاة المحكمة التي تضم خمسة عشر عضواً من القارات الخمس، وذلك على خلفية مدى إلتزام تل أبيب بتنفيذ التدابير التي طلبتها المحكمة في قرارها الأولي، أو الإستمرار في الممارسات اللانسانية التي إعتمدت عليها دولة جنوب إفريقيا لتقديم شكوى الإبادة الجماعية. 
أخيراً لا بد من التنويه بأصالة التحية التي وجهها نواف سلام إلى وطنه ومدينته. في الساعات الأولى لتولي منصبه الدولي، عبر تغريدة كتب فيها: أول ما يحضر إلى ذهني في هذه اللحظة هو همّي الدائم أن تعود مدينتي بيروت، أمّاً للشرائع كما كان لقبها، وأن ننجح كلبنانيين في إقامة دولة القانون في بلادنا، وأن يسود العدل بين أبنائه. 
فمتى تنفض بيروت ركام الأزمات وتعود أمَّ الشرائع، وهل يعود لبنان دولة القانون والعدالة؟