بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 أيار 2019 01:04ص الموازنة: عود على بدء بين ألغام الضرائب والتخفيضات!

سلامة يطلب اليوم من موظّفي المركزي إستئناف العمل.. و«صواريخ باسيل» يصل مداها الى تل أبيب

حجم الخط
اليوم السادس من أيّار عيد شهداء الصحافة، وهو لم يعد عيداً رسمياً، ومع ذلك، فالحكومة تعود لعقد جلساتها اليوم، في جلسة من اصعب الجلسات وأعقدها، على وقع حقل ملغم من الاضرابات والامتناعات، قد تطاول السيولة بالليرة، وتسعير الدولار والعملات، فضلاً عن بداية شحّ في المحروقات لا سيما مادة البنزين، حيث تشهد الصفيحة ارتفاعاً تدريجياً، غير مسبوق منذ عدّة سنوات..

وإذا كانت حالة الترقب توتر المشهد السياسي في البلاد، وكذلك المشهد الاقتصادي، في ضوء توقعات باتت ضرورية لجهة مبادرة أصحاب «الحل والربط»، فإن خرقاً حدث لجهة لقاء المصارحة، الذي استضافه الرئيس نبيه برّي، الذي احتفل مع عائلته وأحفاده بعيد ميلاده الـ81، بين ممثلين لحزب الله وهما المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل ورئيس وحدة الارتباط الحاج وفيق صفا، وعن الحزب التقدمي الاشتراكي الوزير وائل أبو فاعور والنائب السابق غازي العريضي، للبحث في العودة الى قاعدة تنظيم الخلاف، والتعايش معه، بعيداً عن فتح نوافذ خلافية لا حاجة لها..

ولم يحدث خرق، الا انه بداية للمعالجة.. ونسبت قناة «المنار» إلى ما اسمته «مصدر المنار» ان حزب الله أبدى استعداده للتعاون من دون الخروج عن المنطق السياسي والوطني، وبرغم نتائجه المتواضعة، الا انه يُشكّل ارضية يُمكن الانطلاق منها لتلاقي وجهات النظر، والكلام للمصدر نفسه.

المعلومات المتوافرة حول نقاشات الموازنة انها ستدخل اليوم في نقاط تفصيلية لم يجر التطرق إليها مثل رفع نسبة الضريبة على فوائد الودائع من 7٪ إلى 10٪، المرفوض من وزراء محسوبين على قوى ذات حضور قوي في الحكومة، فضلا عن تخفيضات الرواتب والأجور والتقديمات للقطاع العام، إضافة إلى التقديمات الملحقة برواتب العسكريين والضباط.

 واشارت مصادر وزارية لـ«اللواء» الى ان هناك سلسلة قرارات سيلجأ مجلس الوزراء اليها في القسم الأخير من النقاش في مشروع قانون موازنة العام 2019 واوضحت انه لا بد من ان يكون الموقف موحدا داخل المجلس خصوصا في ما يتعلق بقرارات تتخذ للمرة الأولى على صعيد التقشف فضلا عن انه لا يراد ان يظهر الأمر وكأن ثمة من يعترض عند كل تفضيل وثمة من يوافق سريعا. لذلك اشارت المصادر الى ان هناك توجها يقضي بأن يسجل كل وزير ملاحظاته ويسعى الى التشاور مع مرجعيته حول بعض الإجراءات خصوصا ان هناك مقترحات ستطرح للمرة الأولى او بشكل مفاجىء.

وكشف مصدر مطلع ان البحث سيتطرق إلى هذا الموضوع، من زاوية زيادة نسبة رفع الضريبة درجة واحدة على فوائد الودائع المصرفية (من 7 إلى 8٪).

وعلمت «اللواء» على صعيد المعالجة ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سيجتمع قبل ظهر اليوم، مع نقابة موظفي المصرف للبحث في تعليق الإضراب، نظراً للإنعكاسات السلبية على الانتظام المالي العام.

وكشف مصدر مصرفي هي ان الحاكم سيطلب من الموظفين إنهاء الإضراب، واستئناف العمل، مع بداية الأسبوع.

الموازنة: عود على بدء

وهكذا تعود موازنة العام 2019 إلى مشرحة طاولة مجلس الوزراء، في جلسة خامسة، يتوقع ان تكون هادئة، إذا جرت الرياح بحسب ما يشتهي رئيس الحكومة سعد الحريري، ولكن في ظل مواجهات مفتوحة مع القطاعات والنقابات العمالية والتربوية والمصرفية، ومع القضاة والعسكريين ولا سيما المتقاعدين منهم، وبصورة اخص مع موظفي مصرف لبنان الذين شلوا باضرابهم المفتوح معظم الأعمال المصرفية، ولا سيما التحويلات والتبادلات المالية، وينذر بارباك مرتقب على الصعيد السيولة بالعملة اللبنانية، في حال استمر الإضراب لأكثر من أسبوع للمطالبة بعدم المس بحقوقهم وتعويضاتهم ومكتسباتهم أو اخضاعهم لإدارة القطاع العام.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو ان نجاح التحركات المطلبية في ثني الحكومة عن خفض بعض الرواتب والتعويضات والتقديمات سيؤدي إلى احراج الحكومة امام الدول المانحة في مؤتمر «سيدر» وغيرها من دول وصناديق مالية دولية لعدم تمكنها من تخفيض نسبة العجز في الموازنة المرتقبة؟ وبالتالي هل سيؤثر ذلك على ثقة هؤلاء بلبنان واقتصاده وتضيع معها مليارات «سيدر» ومعها كل الآمال باستعادة نسبة النمو؟ طالما ان السلطة الحاكمة لا تستقوى سوى على الفقراء، ولا تستطيع ان تفعل شيئاً حيال مزاريب الهدر والسرقة والفساد والتهريب بمختلف ممراته ومجالاته؟

ويرى مصدر وزاري في «التيار الوطني الحر» انه من المبكر الحسم في كل هذه الأمور قبل انتهاء نقاش الموازنة واقرارها، إلا انه تحدث عن حلول وخيارات أخرى لا زالت قيد البحث من أجل تحقيق الهدف المرجو في خفض العجز، داعياً إلى عدم استباق الأمور.

أفيوني لـ«اللواء»

اما وزير الدولة لشؤون الاستثمار والمعلومات عادل أفيوني فقال لـ«اللواء» رداً على هذه التساؤلات، ان ما يثار في الإعلام وفي الشارع لا يعبر عن حقيقة وجوهر النقاش الدائر في الحكومة، مشيراً إلى ان التهويل يُفاقم المشكلة ولا يحلها، خصوصاً وان هناك اصراراً حكومياً للوصول إلى توافق.

ورأى أن المسألة ليست مسألة تخفيضات في الارقام لخفض العجز، بل الموضوع هو النظرة الشاملة للموازنة والوصول الى اقرارها وفق المقاييس والمعايير الدولية، والتي تناسب وضعنا المالي والاقتصادي في الوقت ذاته، والمهم ان نخلق اشارة ايجابية للاسواق المالية المحلية والعالمية وللمستثمرين، بما ينقلنا من وضع دقيق الى استعادة الثقة. لذلك نسعى الى تقديم موازنة طموحة تحفّز الاقتصاد وتخفض العجز، وفق مقاييس صحية مقبولة.وعندها تنخفض الفوائد تلقائيا لأنها تكون ناتجة عن عرض وطلب وحسب وضع السوق.

وحول النقاش مع المصارف بشأن رفع الضريبة على الفائدة من سبعة الى عشرة في المائة وتأثير ذلك على المصارف والمودعين؟ قال الوزير افيوني: «ان النقاش مستمر لبحث تأثير ذلك على القطاع المصرفي، الذي يلعب دورا اساسيا في الاقتصاد اللبناني وفي تمويل الدين العام، لذلك نرى انه لا يجوز لا تبسيط الامور ولا التهويل على الناس، بل درس انعكاس اي خطوة او قرار على الوضع المالي والنقدي والاقتصادي. فالمهم عدم ترك انعكاسات سلبية على عجلة الاقتصاد وحماية الاستقرار النقدي والمالي وحماية المواطن المودع في آن معا».

 وشدد على وجود إصرار من الحكومة على الوصول الى نتائج ايجابية برغم وجود وجهات نظر مختلفة لكنها لم تصل الى حد الاختلاف والفشل، وانا اكيد اننا سنصل بالنقاش الى نتيجة ايجابية.

ونفى افيوني علمه بموعد الانتهاء من نقاش الموازنة، لكنه اكد ان الامور تسير بوتيرة سريعة للوصول الى نتيجة مقبولة ومعقولة.

هموم المصارف

وكان رئيس جمعية المصارف الدكتور جورج طربية، حمل هموم المصارف وهواجسها إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، على الرغم من العطلة الأسبوعية، لا سيما بالنسبة لما يتردد في كواليس الحكومة وقاله الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله عن دور للمصارف في المساهمة في خفض عجز الموازنة وقيمة الدين العام، وعن رفع معدل الضريبة على الفوائد الذي يفترض ان يطرح اليوم في مجلس الوزراء، ورأى طربيه انه «لا يمكن فرض ضرائب إضافية في وقت الأزمات الاقتصادية»، داعياً إلى عدم تحويل النظام الضريبي اللبناني إلى نظام طارد للاستثمارات، بل يجب ان يكون نظاماً جاذباً للودائع.

وقال أنه «بالنسبة إلى تخفيض الفوائد على الودائع، فإنه بمجرد أن تظهر في الأفق انجازات، سواء كانت على صعيد الموازنة أو لجهة ترقب تنفيذ خطة الكهرباء، أو ما وعدنا به من بدء التنقيب عن الغاز والنفط في نهاية العام، فإن كل هذه الاشارات الايجابية عندما ستبدو مؤكدة، ستنخفض الفوائد وسيستفيد من ذلك ليس القطاع العام وحسب، إنما أيضاً الاقتصاد بشكل عام».

ورفض طربيه، «توجيه أصابع الاتهام الى المصارف»، ويقصد بذلك من يقترح تأمين واردات للدولة من خلال فرض ضرائب على المصارف وليس على المواطنين. معتبراً أن هذا الاقتراح هو «هجمة على المصارف وجمعية المصارف»، وأن هذا الاستهداف «له أسباب لا علاقة للمصارف بها، بل هو استهداف للبلد ولاقتصاده».

اضاف: «أنا أسأل ماذا يمكن ان يقال عن المصارف التي تمول الاقتصاد اللبناني، وحجم تسليفاتها له تفوق الدخل القومي في لبنان، كما أن حجم تسليفاتها للخزينة أبقت الدولة اللبنانية مستمرة برواتبها ورواتب اجهزتها؟. إن كل ما تقوم به الدولة منذ 25 سنة إلى اليوم قائم في جزء كبير منه على التسليف المصرفي».

إضراب موظفي مصرف لبنان

ورأى طربية ان توقف موظفي مصرف لبنان عن العمل يعني تجميد العمل المصرفي لأن المصارف تضع سيولتها النقدية في المصرف المركزي، وتأخذ منه تسيير عملها. وقال انه تمنى على رئيس الجمهورية ان يضع أيضاً اصبعه على هذا الملف كي تتم معالجته في أسرع وقت، لأنه موضوع حسّاس بالنسبة إلى المواطنين وإلى البلد واقتصاده.

وفي تقدير مصادر مصرفية ان استمرار إضراب موظفي المركزي من شأنه ان يؤثر على السيولة بالعملة اللبنانية، وعلى مستوى سعر العملات الأجنبية، مشيرة الى ان حجم الودائع بالليرة اللبنانية في المصارف العاملة تكفي لمدة أيام أو أسبوع على أقصى حدّ، وانه في حال خف حجم السيولة فإن ذلك سيؤدي إلى وقف عمليات الصرف والتعامل بين المصارف وتبادل الشيكات بفعل توقف غرفة المقاصة في مصرف لبنان، وكل ذلك سيؤدي  إلى فلتان صرف العملات، ولذلك فإن على الحكومة التعامل مع الإضراب بجدية كبيرة، خصوصاً وان مطلب الموظفين محق سواء لجهة قانونيته أو مشروعيته طالما انهم لم يستفيدوا من سلسلة الرتب والرواتب التي أعطيت لموظفي القطاع العام، لأن للمصرف موازنة مستقلة ولا يقبض موظفوه من مالية الدولة كباقي موظفي القطاع العام، وهم يخضعون لقانون النقد والتسليف وليس لنظام مالية الدولة.

وكانت الجمعية العمومية لموظفي مصرف لبنان اشارت السبت إلى انه «اذا أقرّت الموازنة كما هي وكانت فيها البنود المتعلّقة برواتب موظفي المصرف، أو بالتقديمات الملحقة برواتبهم، فإن الإضراب سيكون مفتوحاً بدءاً من اليوم الإثنين، حتى تتراجع القوى السياسية عن القرارات الجائرة التي اتخذتها بحق الموظفين».

ووضعت الجمعية قرار المسّ برواتب الموظفين، في إطار «الهجمة على مصرف لبنان»، واصفة إياها بأنها «مبرمجة لهدم وتخريب المصرف». وأبعَدَت الجمعية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن مشهد الإضراب، لافتة النظر إلى أن «الحاكم تمنى علينا أن لا يكون الأمر (الإعتراض) أكثر من بيان لكن قرارنا نقابي مستقل».

صواريخ جولة باسيل

اما جولة رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل، التي ارجئت جلسات مناقشة الموازنة في مجلس الوزراء بسببها، فلم تخل من صواريخ عابرة للتيارات السياسية الأخرى، أو استهدافها سواء تلك التي أطلقها باتجاه المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان بتهمة السمسرة وصفقات مالية مع مجموعة ضباط آخرين لم يسمهم، أو في اتجاه وزير المال مؤكدا ان «مسيرته لن تهدأ قبل ان ينفذ طريق القديسين بأكملها، أو ذلك الصاروخ الذي تسلمه هدية في رأس اسطا من مسؤول «حزب الله» في المنطقة الشيخ نبيل عمرو والذي فجر سلسلة ردود فعل من نواب تكتل الجمهورية القوية وآخرين، وصلت اصداؤها إلى إسرائيل، حيث علق المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للاعلام العربي أوفير جندلمان، منتقداً صورة باسيل وهو يحمل صاروخ «حزب الله»: قائلاً: «وزير خارجية لبنان تلقى هدية جميلة وهي قذيفة اهداها له بكل محبة التنظيم الارهابي الإيراني «حزب الله» الذي يحتل لبنان في خدمة طهران».

وكان باسيل أعلن خلال جولته بأنه سينظف القضاء ممن اسماهم سماسرة الاحكام القضائية، مشيرا إلى انه لا يوجد في العدلية قاض محسوب على العهد، ولا حماية لأحد، ولن نسمح بتشويه البيئة وتلوث المياه لأن ضابطاً ومجموعة ضباط قرروا ذلك لغاية سياسية أو لسمسرة وصفقات مالية، غامزاً من قناة اللواء عثمان في النزاع القائم بينه وبين مفوض الحكومة في المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس .

تجدر الإشارة إلى ان وزيرة الداخلية ريّا الحسن كانت ردّت على حملات التحريض على قوى الأمن الداخلي وشعبة المعلومات، فغردت على حسابها عبر «تويتر» قائلة: «في الوقت الذي معظم العالم العربي يحسدنا على وضعنا الأمني، هل هناك من يقول لي ما هدف وخلفيات الأشخاص الذين يشنون في هذا الوقت بالذات حملة على قوى الأمن الداخلي وشعبة المعلومات؟».