بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 تموز 2019 12:55ص مجلس الوزراء أمام مأزق إحالة حادث قبرشمون إلى المجلس العدلي

الحريري لإبعاد الأجهزة الأمنية عن الخلافات السياسية .. وأرسلان يحمل بعنف على جنبلاط

انتشار للجيش في بعلشميه (تصوير: محمود يوسف) انتشار للجيش في بعلشميه (تصوير: محمود يوسف)
حجم الخط
كان يوم أمس يوماً آخر: راحت فكرة الانفعال، وجاءت لحظة الإجابة عن الأسئلة المقلقة: ما الذي حدث؟ ولماذا؟ وكيف يمكن تجاوز ما حصل؟ والحؤول دون تكراره؟

من قرارات مجلس الدفاع الأعلى إلى الانتشار العسكري في مناطق الاحتكاكات، عادت الأمور إلى طبيعتها، وسط تصعيد في الموقف لرئيس الحزب الديمقراطي الامير طلال أرسلان الذي اشترط أولاً إحالة حادثة إطلاق النار على المجلس العدلي، فضلاً عن سقوط ضحايا، ابرزهم اثنان من مرافقي الوزير الذي تعرض موكبه لاطلاق نار صالح الغريب.

سبق موقف أرسلان زيارة إلى قصر بعبدا، ولقاء مع الرئيس ميشال عون، الذي ترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للدفاع، انتهى إلى قرارات بإعادة الأمن وتوقيف المطلوبين واحالتهم إلى القضاء، الذي باشر التحقيقات باشراف مدعي عام التمييز بالانابة القاضي عماد قبلان، الذي عاين الأرض التي وقع عليها الحادث الأمني.

وعلمت «اللواء» ان اتصالات تجري بعيداً عن الأضواء لمعالجة الموقف قبل الوصول إلى الجلسة. ففيما يطالب فريق الوزير أرسلان بحصر الإحالة إلى المجلس العدلي بحادث قبرشمون، ومحاولة اغتيال وزير يطالب الفريق الجنبلاطي بأن تشمل الإحالة كل حوادث الجبل، بما في ذلك حادث الشويفات، الذي أدى إلى مقتل أحد أعضاء الحزب الاشتراكي واتهم الحزب الأمير أرسلان بإخفاء القاتل حينها.

وحتى ساعات الصباح الأولى، استمرت الاتصالات، قبل جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة في السراي الكبير، ويسبقها استقبال وزيرالدفاع الفرنسي، على ان يستقبل الوفد الأميركي ديفيد ساترفيلد لاحقاً.

وتأتي الاتصالات على خلفية النقاشات والتباينات التي حصلت في اجتماع مجلس الدفاع الأعلى.

وقالت مصادر من داخل الاجتماع ان تبايناً حصل بين رئيسي الجمهورية والحكومة بشأن المعالجات، فيما طالب رئيس الجمهورية الأجهزة القضائية والأمنية باستكمال الإجراءات اللازمة والضرورية وفقا للأصول والأنظمة المرعية الاجراء والقيام بالتوقيفات اللازمة، دعا رئيس الحكومة إلى التهدئة مشددا على ضرورة المعالجة السياسية اللازمة وعدم إقحام الأجهزة العسكرية والأمنية بالخلافات السياسية.

الجبل بين التهدئة والتصعيد

في غضون ذلك، بقيت ذيول احداث منطقة قرى قضاء عاليه محط اهتمام ومتابعة سياسية وأمنية كثيفة من أجل احتواء تداعياتها ومنع أي ردود فعل، خاصة بعد إعلان أهل الضحيتين رامي سلمان وسامر أبو فراج عدم تسلم جثمانيهما قبل تسليم مطلقي النار إلى السلطات القضائية، وقطعوا طريق بعلشمية - بحمدون بالاطارات المشتعلة فترة من الوقت قبل ان يُعيد الجيش فتحها، فيما تفقد مدعي عام التمييز بالوكالة القاضي عماد قبلان مسرح الجريمة في قبرشمون واشرف على التحقيقات وعلى عمل الأدلة الجنائية، بينما واصلت وحدات الجيش تكثيف دورياتها في بعض القرى التي شهدت توتراً، واسهمت كل هذه الإجراءات في استعادة المنطقة هدوءها، ولكن على حذر، في ظل استمرار التوتر والتصعيد السياسيين وتباعد نظرة المسؤولين إلى المعالجات على الأرض.

وكان اللافت على هذا الصعيد، هو ما توافر من معطيات لدى المجلس الأعلى للدفاع، من ان احداث الجبل كان مخططاً لها، وكان عبارة عن محاولة اغتيال مزدوجة تستهدف الوزيرين جبران باسيل وصالح الغريب، وانه لهذا السبب برز اتجاه نحو إحالة الحادث الذي اودى بحياة مرافقي الوزير الغريب إلى المجلس العدلي، وتقرر ان يعهد إلى مجلس الوزراء الذي سيجتمع اليوم بحث هذا الموضوع واتخاذ القرار في هذا الشأن، باعتباره يمس بأمن الدولة، علماً ان هناك شكوكاً في كيفية جمع الوزير الغريب مع وزير التربية والتعليم العالي اكرم شهيب على طاولة واحدة اليوم، خاصة بعد اتهام رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان له بالتحريض على الفتنة في الجبل، وتسميته «بمصاص الدماء»، وتأكيده على ان الغريب سيطرح اليوم في جلسة مجلس الوزراء إحالة ما حدث إلى المجلس العدلي، بالتزامن مع هجوم غير مسبوق على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.

واستبق أرسلان هذا الطرح، بزيارة الرئيس ميشال عون في بعبدا، برفقة الوزير الغريب، واطلعاه في حضور الوزير سليم جريصاتي على الملابسات التي رافقت الأحداث التي وقعت في الجبل.

وفي حين قالت مصادر رسمية ان الرئيس عون تفهم خطورة ما حدث، داعياً إلى التهدئة العامة عبر السياسة والقضاء والأمن، أوضح أرسلان انه تمنى والغريب إحالة ما وصفه «بمحاولة اغتيال وزير الدولة لشؤون النازحين إلى المجلس العدلي»، كما وضع بتصرف الرئيس عون عددا من المعلومات المتوافر لديه عمّا حصل.

وأفادت بعض المعلومات ان أرسلان اودع عون أسماء بعض الضباط الذين اعتبرهم مقصرين في مناع ما حصل.

وكان أرسلان ينوي في المؤتمر الصحفي الذي عقده ظهراً في خلدة كشف اسماء هؤلاء، ومن بينهم مدير المخابرات العميد طوني منصور، لكنه قال انه تلقى اتصالاً من وزير الدفاع الياس بوصعب تمنى فيه عليه عدم تسمية الضباط، وانه رضخ لطلبه، لكنه قال ان الجيش لا يستطيع الاستمرار في مزارع مذهبية داخل تركيبته، متمنياً على العماد جوزف عون ان لا يصدق كل المستندات المرسلة إليه.

واستأخر أرسلان مؤتمره لحين انتهاء اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، فشكر الرئيس عون على مبادرته بدعوة المجلس إلى الاجتماع، واخذه قرارات أساسية، معيداً الفضل في ذلك إلى رئيس الجمهورية. ووصف بيان المجلس بأنه «حاسم» ووضع يده على الجرح بأن ما حصل هو تهديد مباشر للسلم الأهلي.

ورأى ان ما حصل كان مخططاً له وليس صدفة، وانه تمّ التحضير له قبل يومين، لافتا إلى انه بات يملك أسماء عدد غير قليل من المتهمين بإطلاق النار، وان هذه الأسماء باتت لدى الأجهزة الأمنية.

مجلس الدفاع

اما اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، الذي انعقد برئاسة الرئيس عون وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري والوزراء المعنيين وقائد الجيش والأجهزة الأمنية والقضائية، فقد قرّر «اتخاذ قرارات حاسمة بإعادة الامن الى المنطقة التي شهدت الاحداث الدامية ومن دون ابطاء او هوادة، وتوقيف جميع المطلوبين واحالتهم الى القضاء، على ان تتم التحقيقات بسرعة باشراف القضاء المختص، وذلك وأداً للفتنة وحفاظا على هيبة الدولة وحقنا للدماء البريئة، واشاعة لاجواء الطمأنينة لدى المواطنين والمصطافين والسياح، في ظل توافق سياسي يظلل الامن في كل بقعة من لبنان ويحصنه. وابقى المجلس قراراته سرية وفقا للقانون». 

وأفادت مصادر مواكبة لاجتماع مجلس الدفاع لـ«اللواء» ان الحاضرين توقفوا مطولاً وعلى مدى ساعتين، عند الحادثة الخطيرة في قبرشمون، وعرضت كل التقارير بشكل مفصل عن جميع الملابسات، وجرى التركيز على الحؤول دون استغلال ما جرى لغايات أخرى والتحرك سريعاً في اتجاه التحقيقات المختصة وعودة الاستقرار إلى مناطق الجبل وفرض الإجراءات اللازمة.

وكشفت المصادر ايضا ان المعطيات التي توافرت تظهر وجود محاولة اغتيال مباشرة للوزير صالح الغريب لا بل اكثر من ذلك محاولة اغتيال مزدوجة لأن الوزير غريب في خلال توجهه الى لقاء الوزير باسيل في شملان لم يعترضه احد في الطريق اما في عودته ظنوا ان الوزير باسيل معه فحصل ما حصل.

وفي المعلومات المتوافرة انه بعد حديث الرئيس عون عن الركائز التي حددت في البيان شدد على المعالجة الأمنية والقضائية حتى لا تتكرر مثل هذه الحادثة ومنع اي استغلال لها. وافادت المصادر نفسها انه جرى التأكيد على ان المتابعة السياسية للملف تأتي بالتزامن مع المعالجة الأمنية والقضائية. وقد شدد الرئيس عون على اهمية استتباب الوضع الأمني وطلب التشدد في الأجراءات المتخذة وعدم التهاون مع اي امر.

اما الرئيس الحريري الذي ايد كلام رئيس الجمهورية لفت الى وجوب ان تحصل مواكبة سياسية للأجراءات الأمنية اذ ان هذه الأجراءات وحدها لا تكفي كما اكد على وجوب التهدئة في ظل التحديات التي تواجهها البلد.وفهم ان حديث الحريري عن الخلافات قصد به الخلاف الأرسلاني _ الجنبلاطي.

وكشفت هذه المصادر ان الوزير باسيل عرض لملابسات ما جرى وصولا الى الغاء زيارته، وقال انه على الرغم من دعوته لأكمال الزيارة فضل قطعها تحسسا منه بالمسؤولية الوطنية وعدم التذرع بأي امر، مؤكدا على التشدد بالأجراءات على انواعها.

وقالت ان المعطيات تقاطعت بشكل واضح عند وجود مجموعات مسلحة على الأرض وسطوح الأبنية في مكان الحادث الذي كان يستهدف اغتيال الوزيرين الغريب وباسيل.

توضيح باسيل

وفي السياق، قالت مصادر مطلعة على موقف الوزير باسيل لـ«اللواء» انه سعى ويسعى لوأد الفتنة في الجبل، ولم يكن في كلامه في الكحالة ما يستدعي محاولة اغتيال الوزير الغريب.

وتحدثت هذه المصادر عن ما اسمته محاولة استدراج لإغتياله خاصة ان معلومات وردت الى وزراء «التيار الحر» من مسؤولين في الحزب التقدمي تُطمئن باسيل الى ان الطريق مفتوحة امامه، ما دفع الوزير الغريب الى ملاقاته في شملان وكانت الطريق غير مقطوعة، ثم ظهرت المظاهر المسلحة فجأة، وتم اطلاق النار على موكب الغريب بعد عودته ظناً من المسلحين ان باسيل معه».

واضافت المصادر: ان باسيل قال كلاما ايجابيا جدا في صوفر خلال افتتاح مركز التيار في البلدة، عن العيش المشترك والحوار والتلاقي، فلماذا لم يتوقفوا عند هذا الموقف واتخذوا من بعض العبارات في الكحالة حجة لتبرير فعلتهم؟ 

ورأت المصادر «ان البعض كان يريد خلق مشروع فتنة في الجبل عبر توتير الوضع الامني، لكن الوزير باسيل أخمده بتأجيل زيارته الى كفر متى». وقالت: ان التيار حزب عابر للطوائف وبامكان الاخرين ان يكونوا احزابا عابرة للطوائف لكنهم فضلوا ممارسة سياسة المناطق الاقطاعية المقفلة.

وألمحت المصادر الى ان وزراء التيار الحر سيؤيدون مطلب إحالة احداث الجبل الى المجلس العدلي.

.. والاشتراكي يرد

من جهته، آثر رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الصمت وعدم الدخول في سجالات حول احداث الجبل، وأفادت مفوضية الإعلام في الحزب، انه زار أمس دولة الكويت حيث استقبله اميرها الشيخ صباح الأحمد يرافقه وفد ضم وزير الصناعة وائل أبو فاعور والوزير السابق غازي العريضي والنائب هادي أبو الحسن ونائب رئيس الحزب للشؤون الخارجية دريد ياغي.

والتقى جنبلاط ايضا رئيس الحكومة الكويتية الشيخ جابر المبارك الصباح في حضور وزير الخارجية الشيخ صباح خالد الحمد الصباح ووزير الديوان محمّد أبو الحسن.

ولم يعرف ماذا كانت هذه الزيارة تمت قبل يومين أو أمس، علما ان الوزير أبو فاعور زار أمس الرئيس الحريري في السراي واطلعه على وجهة نظر الحزب الاشتراكي بشأن حادثة قبرشمون، نافيا ان يكون مناصرو الحزب نصبوا كمينا لا للوزير باسيل ولا للوزير الغريب.

وبحسب المعلومات، فإن أبو فاعور قال للحريري ان باسيل تعرض لأهل ومناصري الحزب الاشتراكي واثار غضبهم واستفزهم عندما أعاد إلى الأذهان معركة سوق الغرب، وانه أكّد بأن الحزب هو تحت القانون، ورد الحريري بأنه يعمل على تهدئة الأوضاع، مؤكدا ان لا أحد فوق القانون، وان العدالة ستأخذ مجراها.

ولاحقاً، أصدرت مفوضية الإعلام في الحزب الاشتراكي بيانا، أكدت فيه ان ما حصل في منطقة الشحار ليس وليد لحظته، إنما نتيجة تراكمات بدءاً من حادث الشويفات مروراً بغيرها من المحطات، مشددا بأن الحزب لم يكن يوما الا تحت سقف القانون، وسيكون كذلك في هذه الأحداث المؤلمة، لكنه ذكّر بأن ثمة مطلوبين للعدالة في قضايا أخرى أبرزها قضية الشويفات ما يزالون متوارين عن الأنظار بحمايات سياسية داخل وخارج الحدود، مؤكدا ان العدالة لا تكون مجتزأة تطبق في مكان ويتم التغاضي عنها في مكان آخر.

وجدد الحزب تمسكه بدور الأجهزة القضائية ومرجعية الدولة وضرورة أن تأخذ التحقيقات مجراها بشفافية ونزاهة، مشدداً مرة جديدة على أنه لن ينجر إلى أي سجالات سياسية أو إعلامية ترمي إلى إذكاء النيران وتأجيج التوتر في منطقة الجبل، الذي لطالما كان حريصاً عليه وعلى حمايته في كل المحطات والمنعطفات.

وتوجه إلى باسيل​، مؤكداً أن كل المناطق اللبنانية مفتوحة ومناطق الجبل أيضاً مفتوحة داعياً إياه لإعتماد الخطاب الموضوعي من باب الحرص، ليس فقط في الجبل بل في باقي المناطق. وقال: « حبذا لو يرتفع بعضهم لممارسة الخصومة بشهامة ورجولة بعيداً عن الشتائم والتعابير السوقية».

.. وبري على الخط

ومن جهته تابع رئيس مجلس النواب نبيه بري تداعيات اﻻحداث المؤلمة التي حصلت في الجبل وانعكاساتها على اﻻوضاع العامة، واجرى لهذه الغاية سلسلة من اﻻتصاﻻت لتطويق ذيول ما حصل. وقال معلقاً: الوقت اﻻن هو للإحتكام للعقل والحكمة وبذل كل مستطاع من أجل الحفاظ على الوحدة واﻻستقرار العام ولنا ملء الثقة بعقلاء الجبل اﻷشم. وليأخذ القضاء دوره في التحقيق حتى النهاية».

 وقال وزير المال علي حسن خليل أن الرئيس بري أخذ على عاتقه ترميم ما جرى من أحداث الاسبوع الماضي.

الموازنة انتهت

في الاثناء، انهت لجنة المال والموازنة اقرار موازنة 2019، بعد انجاز في الجلسة الصباحية موازنة وزارة الطاقة والمياه، في حضور وزيري المالية خليل والطاقة والمياه ندى البستاني ومن ضمنها سلفة بقيمة 2500 مليار للكهرباء.

وفي الجلسة المسائية، انجزت موازنات المال والخارجية والإتصالات ، مع تعليق بعض البنود المتعلقة بمساهمات متنوعة طلبا لتفاصيل من وزارة الإتصالات، على ان تخصص جلسة خاصة لأوجيرو بالتزامن مع بت المواد المعلقة.

واوضح رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان ان الموازنة انتهت، وستعقد جلسة اخيرة لدراسة المواد المعلقة من المرجح ان تكون غدا، وعددها 28، على ان يرفع تقريره الى رئيس المجلس مطلع الأسبوع المقبل، الذي سيحدد بدوره جلسة المناقشة بعد توزيع التقرير على النواب، في حدود منتصف تموز.

ساترفيلد: لا جديد

الى ذلك اكدت مصادر دبلوماسية لـ«اللواء» ان الموفد الاميركي المكلف رعاية المفاوضات بين لبنان والكيان الاسرائيلي لتحديد الحدود البرية والبحرية ديفيد ساترفيلد سيصل الى بيروت بعد ظهراليوم، وسط اجواء غامضة ومبهمة حول ما سيحمله من العدو، مشيرة الى انه لا تقدم حتى الان في مسار مهمته والامور لا زالت متوقفة عند موضوعي الرابط بين الترسيم البري والبحري ومدة التفاوض.