بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 كانون الثاني 2019 12:38ص «نورما» تهدأ اليوم.. وعاصفة التأليف إلى الواجهة!

«المستقبل» تذكر بانتهاء صلاحية «اقتراحات قديمة».. وباسيل يمهّد للإنقلاب على كامل التسوية

حجم الخط
لا حاجة لاقتراب نحوي أو لغوي، مع تقرير الرئيس نبيه برّي ان الحكومة «اصبحت في خبر كان»، وتكفي وقائع الجمود السياسي، لتدل على ان الأحداث، سبقت «الحكومة العتيدة» أو الموعودة، على وقع تلاطم الانهار، وشدة الرياح العاتية، التي اقتلعت الشجر، وذهبت، بالجدران المتصدعة، لكنها لم تحبس النّاس كفاية في المنازل، فالبعض مات على الطرقات أو حاصرته ثلوج الجبال، فوق الـ700م وتحت الـ500 م، فيما مددت «نورما» بقرار قسري من الوزير مروان حمادة، عطلة المدارس الرسمية والثانويات والمهنيات، في وقت كانت فيه الجامعات والكليات ترتب حركة الاقفال أو الدروس، وفقاً لموجبات الطقس، وحسابات الطلبة، وقرار رؤساء الجامعات..
بين لاءات الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي يرفض تحميله «تبعات التأخير في تشكيل الحكومة»، وتأكيد كتلة المستقبل، بعد اجتماعها برئاسته أمس ان «التصريحات التي صدرت في هذا الشأن محاولة مكشوفة لحرف الأنظار عن المكامن الحقيقية للأزمة الحكومية»، بهدف «نقل الاشتباك من معسكر سياسي إلى آخر، وتسويق اقتراحات يُدرك أصحابها سلفاً انها منتهية الصلاحية منذ الأيام الأولى للتكليف»، في إشارة إلى تصريحات مسؤولين سياسيين ونواب في حزب الله، وتأكيد أوساط التيار الوطني الحر، ما أشار إليه تكتل لبنان القوي، من ان مبادرة رئيس الجمهورية مستمرة وان الأفكار التي طرحها الوزير جبران باسيل لا تزال قيد التداول»، خرج الرئيس نبيه برّي، بعد لقاء رئيس مجلس النواب غينيا بيساو بأن «الحكومة بعدها في خبر كان».. الأمر الذي يطرح أسئلة جدية، حول المخارج الممكنة، أو العودة إلى التجاذب الشديد على ابواب القمة الاقتصادية التنموية العربية التي ستعقد في بيروت يومي 19 و20 من الشهر الجاري.
وتذهب أوساط تدور في  فلك بعبدا إلى الايحاء بان رئيس الجمهورية بات أقرب إلى اللجوء إلى خطوة من شأنها ان تغيّر مجرى المعادلة الحالية، بالتزامن مع تبدل المعطيات المحيطة بالوضع الإقليمي.
ولم يخف مصدر مطلع من ان يهيئ الوزير باسيل الأجواء لانقلاب كامل على التسوية، بدءا من إنهاء المقايضة بين الرئيسين ميشال عون والحريري على وزير ماروني من حصة رئيس الحكومة، وآخر سني من حصة رئيس الجمهورية وصولا إلى المطالبة بإعادة توزيع الحقائب.. وربما إلى ما وأبعد من ذلك، وسط مخاوف من أزمة اقتصادية لا تبقي ولا تذر..
وسط ذلك، بقيت العاصفة «نورما» تضغط بثقلها على صدور اللبنانيين، وعلى اهتماماتهم اليومية، لليوم الثالث على التوالي، والذين وجدوا أنفسهم مضطرين لتنظيم حياتهم على إيقاع الأمطار التي ما توقفت لحظة، مع الرياح الشديدة الوطأة، والثلوج التي كللت المرتفعات الجبلية بالابيض الناصع، مؤذنة بالصقيع.
وإذا كانت «نورما» حملت معها «خيرات السماء»، الا خير الطبيعة في دولة مثل لبنان، دائماً ما تتحوّل إلى مصائب وكوارث، سواء بالنسبة إلى الضحايا حيث سجل سقوط قتيل شاب بحادث سير، وغرق طفلة سورية في المنية بشمال لبنان (8 سنوات) في مياه الأمطار، مع انقطاع في التيار الكهربائي، وانهيارات في التربة، وسيول جرفت بيوت المواطنين في غير منطقة، مع طوفان الأنهر، مثل ما حصل في انهار الكلب والليطاني والغدير، ألحقت اضراراً في المزروعات والممتلكات وإغلاق للجامعات والمدارس غير المجهزة للبرد والصقيع، فيما تحوّلت الطرقات، وحتى الرئيسية منها، إلى بحيرات، على غرار ما حصل في ضبية وحي السلم وسهول عكار، التي غرق فيها المواطنون داخل سياراتهم، وبعضهم لجأ إلى الزوارق لعبور الطرقات، بفعل التقصير المزمن في الصيانة، على رغم الدعوات المتكررة لتنظيف المجاري قبل حلول الشتاء، ما دفع وزير المال علي حسن خليل إلى ان «يصرخ» امام النّاس الذين تجمعوا حوله خلال تفقده مع الوزير غازي زعيتر الاضرار الناجمة عن فيضان نهر الغدير قائلاً: «نحن امام دولة عاجزة عن اتخاذ قرارات جذرية والقيام بواجباتها».
واللافت ان «نورما» بعدما احكمت قبضتها على المرتفعات الجبلية، اتجهت في ذروتها أمس، قبل ان تنحسر تدريجياً ابتداء من ظهر اليوم، إلى الساحل، فأغرقت المدن الساحلية والاوتوسترادات وكشفت سوء أعمال البنى التحتية، وعدم جهوزية شبكات صرف مياه الأمطار، وشهدت العاصمة بيروت، في فترة قبل الظهر، رياحاً شديدة ترافقت مع أمطار غزيرة، ما تسبب بزحمة سير خانقة، بسبب تحول بعض الطرق الرئيسية إلى مستنقعات خاصة نفق المدينة الرياضية، فيما ضجت مواقع التواصل بخبر مع صور، لجسر الكولا تظهر تشققات كبيرة، وجرى التحذير من سلوك الجسر حفاظاً على سلامة السير، مما اضطر بلدية بيروت والشركة المتعهدة إلى طمأنة المواطنين، وان لا خطر على حياتهم إذا ما سلكوا الجسر، في حين لم تسلم مكاتب النواب في مجلس النواب من تسرب المياه إلى الداخل بفعل تشققات في سقفه.
الحكومة في خبر كان
والظاهر ان البرودة التي لفحت المناخ اللبناني، انسحبت بدورها على اتصالات تشكيل الحكومة، حيث لم يسجل أمس، أي تطوّر أو حركة أو اتصال في هذا الشأن، ما دفع الرئيس نبيه برّي إلى ان يقول، بعد توديع نظيره الغيني بيساو سيبريانو كاساما في عين التينة: «ان الحكومة لا تزال في خبر كان»، وهذا يعني بكلمة أكثر وضوحاً ان «لا حكومة لا الآن ولا غداً، إلى ان نجد خبر كان الذي ما يزال في عالم الغيب».
وفي تقدير مصادر سياسية، ان إعلان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ان حكومة تصريف الأعمال ليست سبباً لتأجيل القمة العربية الاقتصادية التنموية، وتأكيده بالتالي ان القمة ستعقد في موعدها يعني ان موضوع تشكيل الحكومة لم يعد موضوعاً على نار حامية، ويمكن ان يتأجل إلى ما بعد القمة، أي في 20 كانون الثاني الحالي، في حين بدأ البعض يتحدث انه إذا كانت حكومة تصريف الأعمال صالحة لأن تشارك في أعمال قمّة بيروت، فإنه في امكانها أيضاً ان تكون صالحة لحضور قمّة تونس المقرّر انعقادها في 31 آذار المقبل، أي ان كل شيء يمكن دفعه إلى الربيع، في حال بقيت الاتصالات متوقفة على النحو الذي شهدته الأيام الماضية، من إطلالة العام الجديد.
واوضحت مصادر سياسية ان الجمود الذي يصيب ملف الحكومة وانعدام وجود اي تطور جديد يدفع رئيس الجمهورية الى الشعور بعدم الارتياح.
وتوقعت المصادر ان يكون له موقف امام اعضاء السلك الديبلوماسي اليوم يتناول فيه  الموضوع الحكومي كما يعرض مقاربته لعدد من الملفات. ولفتت الى ان التواصل الدائم بين الرئيس عون و المدير العام للأمن العام اللواء عباس  إبراهيم يتعلق بالملف الحكومي كما لملفي الأمن والنزوح، واشارت الى ان جهود الوزير جبران باسيل متواصلة على الرغم من عدم بروز اي تطور على صعيد تشكيل الحكومة موضحة في مجال اخر ان رئيس الجمهورية يترأس الوفد الرسمي الى القمة العربية الاقتصادية التنموية الاجتماعية في بيروت ويضم الرئيس سعد الحريري وعددا من الوزراء بينهم وزراء الخارجية والمغتربين والمال والاقتصاد والتجارة والشؤون الاجتماعية.
حركة بكركي
غير ان اللافت، وسط جمود اتصالات تأليف الحكومة، انتقال الحركة السياسية إلى بكركي التي شهدت مجموعة لقاءات، كان أبرزها زيارة السفير السعودي في لبنان وليد بخاري، للبطريرك الماروني بشارة الراعي، قبل ان ينتقل لاحقاً إلى بنشعي حيث زار رئيس تيّار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، في حضور الوزير يوسف فنيانوس الذي زار بدوره بكركي صباحاً، معرباً عن اعتقاده ان العقدة في مسألة الحكومة، ما تزال داخلية، داعياً الجميع إلى التواضع لتأليف هذه الحكومة.
وفي المعلومات، ان البطريرك الراعي يتجه إلى دعوة القيادات المارونية إلى الاجتماع في بكركي للضغط من أجل تشكيل الحكومة، بحسب ما نقل عنه رئيس «حركة الاستقلال» النائب ميشال معوض اثر لقائه أمس في الصرح البطريركي.
وبحسب هذه المعلومات أيضاً، فإن الراعي سيبدأ قريباً بإجراء سلسلة اتصالات مع القادة الموارنة لدعوتهم الى طاولة حوار في بكركي لمناقشة جدول اعمال من بند وحيد: كيفية الخروج من مأزق الحكومة والذهاب نحو تأليف سريع، لان البلد لم يعد يحتمل ترف التأخير والشروط والمطالب التعجيزية.
ويُرجّح ان يُعقد الاجتماع الاسبوع المقبل قبل توجّه البطريرك الى الولايات المتحدة الاميركية في 21 الجاري، في زيارة ببعدين راعوي وسياسي ستكون حافلة بجدول لقاءات روحية وسياسية مع مسؤولين في الادارة الاميركية.
وكان الراعي قد التقى صباحاً المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي لم يشأ الإدلاء بأي تصريح بعد الزيارة، لكن معلومات أوضحت ان اللواء إبراهيم نقل للبطريرك الماروني ان مبادرته في شأن تمثيل نواب سنة 8 آذار في الحكومة لم تتوقف، وان كانت قد جمدت لمصلحة حركة الوزير باسيل، وانه يتجه إلى احياء هذه المبادرة باتصالات جديدة بعد ان قوبلت مجموعة الأفكار أو المقترحات التي طرحها باسيل، بالرفض سواء من قبل الرئيس المكلف، أو من قبل «اللقاء التشاوري» للنواب السنة المستقلين.
تكتل «لبنان القوي»
وجاءت حركة بكركي، والتي يفترض ان تستكمل اليوم عبر البيان الذي وصف بأنه سيكون مهماً جداً، والذي سيصدر بعد اجتماع مجلس المطارنة الموارنة، في وقت ألمح فيه تكتل «لبنان القوي» الذي اجتمع أمس برئاسة الوزير باسيل، بأنه «سيكون له موقف آخر إذا ما استمر الوضع الحكومي من دون سقف، ملوحاً بأنه لم يعد بإمكانه «التفرج على أخذ البلاد واللبنانيين إلى مصير مجهول».
وإذ أكّد بيان التكتل ان مبادرة الرئيس عون مستمرة، وافكار الوزير باسيل ما تزال قيد التداول، شدّد على أن المطلوب تأليف حكومة، والوقت مهم على هذا الصعيد، معلناً انه مع «تمثيل جميع الأطراف في حكومة وحدة وطنية».
واعتبر التكتل من ناحية ثانية، ان دعوة سوريا إلى قمّة بيروت مسؤولية جامعة الدول العربية، وهي التي تقرر وتحدد المدعوين، داعيا إلى عدم خلق مشكلة من موضوع لم يعد مطروحاً.
كتلة «المستقبل»
اما كتلة «المستقبل النيابية» التي اجتمعت أمس برئاسة النائب السيدة بهية الحريري، فقد ركزت على المحاولات المتجددة لرمي المسؤولية على الرئيس المكلف وتحميله تبعات التأخير في تشكيل الحكومة، مؤكدة على ان هذه المحاولات لن تنفع، وان «الرئيس المكلف سعد الحريري تحمل كامل مسؤولياته الدستورية والسياسية في سبيل التوصّل إلى حكومة وفاق وطني»، لافتة إلى الفرصة التي لاحت للاعلان عن ولادة الحكومة عشية عيد الاستقلال في تشرين الثاني، قبل ان تتم إطاحة الصيغة المقترحة ورهن المشاركة فيها بتوزير مجموعة النواب السُنَّة، كما أتيحت الفرصة مجددا قبيل حلول السنة الجديدة بعد التوصّل إلى حل الإشكالية المتعلقة بتمثيل النواب الستة، وكان بعد ذلك ما كان من العودة بمسار التأليف الى مربع التجاذبات التي باتت تفاصيلها في متناول جميع اللبنانيين.
ورأت الكتلة في البيان الذي تلته النائب رولا الطبش التي كان الرئيس الحريري قد استقبلها قبل الظهر، مبدياً ثقته التامة بها، ان «التصريحات التي صدرت في هذا الشأن محاولة مكشوفة لحرف الأنظار عن المكامن الحقيقية للأزمة الحكومية، بهدف نقل الاشتباك من معسكر سياسي إلى آخر، وتسويق اقتراحات يُدرك أصحابها سلفاً انها منتهية الصلاحية منذ الأيام الأولى للتأليف».
تفعيل حكومة تصريف الأعمال
وبالنسبة لاقتراح الرئيس نبيه برّي الرامي إلى تفعيل حكومة تصريف الأعمال من أجل الاعداد لمشروع الموازنة واحالته إلى المجلس النيابي، فقد أكدت الكتلة ان هذا الاقتراح «سيكون محل دراسة ومتابعة للتوصل إلى القرار الذي يتلاءم مع مقتضيات الدستور والمصلحة العامة، ولا سيما مع رئيس حكومة تصريف الأعمال المعني بتحديد وجهة القرار في هذا الشأن».
وفي هذا السياق، أوضحت مصادر نيابية ان الرئيس الحريري «متفهم» لضرورة انتظام الوضع المالي عبر إقرار موازنة شرعية، وهو غير منزعج من اقتراح برّي، لكنه في الجانب السياسي يراعي هواجس رئيس الجمهورية من إطالة أمد تشكيل الحكومة، في ظرف يحتاج فيه إلى حكومة فاعلة ونتيجة تعالج كل الأوضاع في البلاد.
ويبدو من حيث المبدأ ان الرئيس عون لا يمانع في عقد جلسات للحكومة تعالج بعض الضرورات ومنها موضوع الموازنة، لكنه يخشى ان تطول جلسات حكومة تصريف الاعمال وتصبح عادية بحيث تطال امورا غير ضرورية وتصبح امرا واقعا يصرف الانتباه عن تشكيل حكومة عاملة بكل اوجهها الدستورية والقانونية.
وقالت مصادر مطلعة ان الرئيس عون يبحث عن غطاء دستوري، لا عن توافق سياسي فقط من اجل البحث جديا مع الرئيس المكلف في موضوع عقدجلسات الضرورة ومنها جلسات للموازنة، مع قرب انتهاء العقد العادي الاول لمجلس النواب نهاية هذا الشهر، وهو المخصص دستوريا لبحث واقرار الموازنة.