بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 كانون الأول 2018 12:53م الحياة تعود الى قرية برناسا البترونية المندثرة منذ الحرب العالمية

حجم الخط
عندما تقصد قضاء البترون  يستوقفك جمال الطبيعة الخضراء وهدوء  القرى المتناثرة وسط بساط أخضر ما زالت قرى قضاء البترون تحافظ عليه بنسبة سبعين في المئة.
بين هذه القرى البترونية يتذكر البترونيون اربعة عشر قرية اندثرت مع التاريخ ولم يبق منها سوى الأطلال وبعض الخرب.وهي اليوم اما  ملحقة بقرى أخرى نظرا لوجودها على تخومها او اصبحت وقفيات للاديرة المجاورة .وفي كل الأحوال تحولت هذه القرى مع الوقت الى منتزهات للشباب للتخييم وسط الطبيعة أو حتى أمكنة مناسبة الصيادين وهواة المشي في الطبيعة .    

من بين القرى البترونية المندثرة قرية برناسا المهجورة منذ ايام الحرب العالمية .الا ان من يقصد البلدة اليوم يرى بأم العين ان الحياة بدأت تدب في مفاصل الطبيعة التي تحولت من احراش الى جلول مزروعة  .وبات من الممكن الوصول إلى القرية عبر طريق مجهزة للسيارات الرباعية الدفع في الوقت الحالي. ومؤخرا تم احضار جرافة قامت بتمهيد وتوسيع طريقٍ قديمةٍ وأصبح بامكان السيارات الرباعية الدفع الوصول إلى دير قديم على اسم القديس جرجس وهو الشاهد الوحيد على وجود بقايا حياة في الماضي العابر.
 ويظهر ان عملية ترميم الدير تشير إلى إمكانية عودة الحياة ليتحول المكان إلى بيت ضيافة للاحتفالات مطل على طريق القديسين الذي افتتحه فخامة رئيس الجمهورية منذ فترة وجيزة .في حين أن الوقوف على سطح المزار التاريخي يجعلك تتأمل أجمل منظر لغروب الشمس قبالة شاطئ البترون وقمم جبال الأرز  في اعالي البترون

اعمال الترميم  بدات في الطابق السفلي للمبنى الأثري  الذي تحول مع الوقت من  زريبة للمواشي الى عقد حجري قديم   وقاعة محاضرات وصالون استقبال لزوار المنطقة.
وسيتحول الطابق الاول للمبنى الأثري  الى بيت ضيافة مؤلف من صالون وغرفتي نوم ومطبخ وحمام ومن الممكن استعماله كمسكن للرهبان وغرف للضيافة.
 في حين يتحول الطابق الثاني الى قاعة احتفالات دينية ومركزا للنشاطات الكشفية والشبابية والمؤتمرات.

برناسا التي ترتفع قرابة 1000 متر عن سطح البحر تحوطها 7 خرب قديمة، وبقايا معصرة، وعدة آبار لتجميع المياه، هي ما تبقى مما كان يعرف منذ مئات الأعوام باسم برناسا.
ويحيط بها  بلدات: مار ماما وحدتون ومحمرش وراشا في بلاد البترون، وبلدة ميفوق في بلاد جبيل.
يمكن الوصول اليها من مفرق على طريق مار ماما – ميفوق عند محلة وطا عيطا، وتمر الطريق بدير مار سابا الاثري، وتكمل لتصل إلى دير مار جرجس الذي يقع في وسط البلدة.وتبعد عن الطريق العام مسافة كيلومترين.
ومن المتعارف  أن تاريخ برناسا  يعود إلى نحو العام 1340 تاريخ بناء سيدة ايليج في بلدة ميفوق المجاورة، لكن بعض المؤرخين يشيرون الى أواخر القرن الرابع عشر ما بين 1375 و 1400 . وأهم ما كشف النقاب عنه ما أورده الدكتور عصام خليفة ابن بلدة حدتون المجاورة في كتابه "فلاحو ناحية البترون في القرن السادس عشر" حيث أورد في الاحصاء العثماني الذي جرى عام 1519 أنه كان في برناسا 9 رجال ذكور متزوجين، أي أنها كانت مؤلفة من 54 شخصاً، وكانت تدفع ضريبة بقيمة 960 آقجة. وفي الاحصاء الذي جرى عام 1571 أصبح يقيم في البلدة 15 رجلاً متزوجاً، أي 90 شخصاً. وتدفع ضريبة بقيمة 1850 آقجة.
وذكر البطريرك اسطفان الدويهي في كتابه تاريخ الأزمنة في أخبار سنة 1617 في تعداده أسماء النساك الذين سكنوا محبسة مار مخائيل في وادي قزحيا اسم "القس يعقوب من برناسا من معاملة البترون.
ولم يبق سوى من تاريخ البلدة سوى الأخبار التي يتناقلها أبناء القرى والبلدات المجاورة، الذين يقولون أنه ما بين أواخر القرن السابع عشر ومطلع القرن الثامن عشر خربت البلدة، وهجرها أهلها .وبعد خراب بلدتهم نزحوا عنها ولم يعودوا إليها لاحقاً.
 وتعاقبت السنوات وأصبحت الجلول أحراشاً، وارتفعت الأشجار الحرجية وغطت البلدة. ولاحقاً أصبحت أراضي برناسا ملك دير ميفوق للرهبنة اللبنانية.
وتعود الحياة اليوم الى برناسا عبر تحويل القرية إلى مزار تاريخي، خاصة وأنها تقع على طريق القديسين التي تبدأ من دير مار شربل في عنايا إلى بلدة لحفد مسقط رأس الأخ اسطفان، إلى دير القطارة وسيدة ايليج، وصولاً إلى دير كفيفان ودير جربتا. وبدأ العمل.
 وبعد مئات الأعوام يقرع اليوم جرس دير مار جرجس في برناسا ويصل صوته إلى القرى المجاورة داعياً المؤمنين إلى القداس. وعاد المكان يستقطب العشرات من أبناء القرى المجاورة  وبعضهم يأتي من مناطق بعيدة خصوصا في عيد مار جرجس من كل عام.
ومع توسيع الأعمال ووصول الكهرباء والمياه،  ستتحول القرية مستقبلاً الى واحة للصلاة والتأمل.
ومنذ صيف 2017 أعادت الرئاسة العامة للرهبانية اللبنانية المارونية اقفال الموقع بهدف درس تحويله الى دير رسمي يضم جمهور من الرهبان (قيل لي أقله 3 رهبان) .
على أمل عودة الحياة إلى كل قرانا اللبنانية ستكون برناسا شاهدة على جمال الاصطياف في قرى البترون في وقت قريب