بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 آب 2020 12:01ص الفتنة نائمة.. لعن الله من يحاول إيقاظها وحمى لبنان منها

حجم الخط
كيف يمكن لبلدٍ كلبنان ان يواجه كل هذه العواصف والأزمات التي يتعرّض لها حالياً، يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة، وبالتالي كيف يمكن له الخروج منها بأقل خسائر ممكنة بشرياً ومادياً ومعنوياً في ظل الانقسامات العميقة بين اللبنانيين على مختلف اتجاهاتهم السياسية والحزبية والمناطقية وغيرها.

فلبنان الذي أصبحت أبوابه مشرّعة للقريب والبعيد للتلاعب بمصيره وبمستقبله بات مهدداً بكل ما للكلمة من معنى بكيانه ووجوده اقتصادياً وسياسياً وامنياً، فهذا البلد الذي طالما تغنى بالرقي والحضارة والاشعاع والنور، أي لبنان في مطلع السبعينات وما شهده من ازدهار اقتصادي وسياحي ونمو متصاعد هو اليوم في العناية الفائقة ينتظر من يمد إليه يد الدعم والمساعدة لإنقاذه وإعطائه جرعة أمل للنهوض من هذه الكبوة الخطيرة التي يتخبّط بها، ومن العواصف التي تجعله يتأرجح شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً دون ان تلوح في الأفق حتى الآن بارقة أمل لإخراجه مما هو عليه، وما حدث مؤخراً من محاولات لإثارة الفتنة البغيضة بين اللبنانيين في مناطق متعددة آخرها ما شهدته منطقة خلده، كاد ان يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه لولا تدارك العقلاء للأمر ووضع حدّ لما حصل تفادياً للأسوأ ولوقوع كارثة أكبر.

ففي حين ان الوفود العربية والأجنبية تصل إلى لبنان تباعاً وتحط طائراتها على أرض المطار محملة بالمساعدات ومواد الاغاثة الطبية والغذائية وغيرها، تحضر أيضاً وفود أخرى لاستطلاع الوضع عن قرب وما خلفه انفجار المرفأ في 4 آب 2020 وما تركه من تداعيات على أوضاع النّاس في لبنان والخسائر الجسيمة التي لحقت بهم على مختلف الصعد.

أما وقد آلت الأوضاع في هذا البلد إلى ما آلت إليه ولم يعد في اليد حيلة كما يقول المثل الشائع، فإن الأنظار مشدودة راهناً لعدد من الدول الصديقة والشقيقة وللمؤسسات الدولية بانتظار ما ستقدمه من عون ودعم للبنان في هذه المحنة الأليمة التي يواجهها لبنان.

وإذا كانت الاستشارات الملزمة التي تمت الدعوة إليها يوم الاثنين المقبل بعد طول انتظار ومخاض عسير توحي بأن هناك بعض الخيوط التي من شأنها ان ترسم معالم المرحلة المقبلة في لبنان تكليفاً وتأليفاً للحكومة العتيدة فإن الأمل والرهان يبقى على صحوة ما من قبل رجال السياسة والأحزاب في لبنان عشية الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى لبنان لحلحلة العقد وتذليل الصعوبات وإنجاح الخطوات المتعلقة بهذا الأمر بالتزامن مع وضع آلية للاصلاحات المطالب بها لبنان إقليمياً ودولياً كشرط أساسي لمساعدته ودعمه وإخراجه من هذا النفق المظلم الذي دخل فيه، وبات من المستحيل الخروج منه الا بتوافق لبناني- لبناني وبدعم إقليمي ودولي أيضاً.

كل هذه المستجدات والمعطيات المتسارعة تدفعنا للوقوف امام الترهل السياسي والامني والركود الاقتصادي والسياحي في البلد الذي يطغى على تشكيل الحكومة الجديدة إما بسبب عدم مبالاة «الطقم السياسي» في لبنان الذي اكل الدهر عليه وشرب وهم باتوا يعلمون جيداً ان النّاس سئموا منهم ومن تصرفاتهم وخلافاتهم وتشنجهم السياسي الدائم حتى الآن، وهم لا يزالون يتناتشون موقعاً من هنا أو مركزاً من هناك، أو وزارة ما دون رادع أو وازع أو ضمير وكأنه لم يحصل في لبنان كل هذا الانهيار، وهم أشبه بمن يعيش على كوكب آخر.

قد يسأل سائل إلى متى سيبقى المواطن اللبناني الطيب والشريف رهينة بأيدي أولئك السياسيين من جهة، وأيضا بأيدي بعض الدول الأخرى من الخارج من جهة ثانية، وإلى أين يتجه هذا البلد مستقبلاً في مثل هكذا أوضاع صعبة للغاية تعصف به من كل حدب وصوب، وهل ما ذكره وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان مؤخرا عن إمكانية زوال الدولة في لبنان في حال استمرار الفساد سيشكل جرس إنذار وناقوس خطر لجميع المعنيين بالشأن اللبناني على مختلف المستويات. أما الجواب على مثل هذه التساؤلات يبقى صعب جدا لا بل مستحيل نظرا للمشاكل المتداخلة بعضها ببعض محلياً واقليمياً ودولياً والتي تنعكس من دون شك بشكل مباشر أو غير مباشر على الوضع اللبناني برمته وتترك آثاراً سلبية على اللبنانيين جميعاً في البلد، اضف إلى ذلك المستجدات الجنوبية لناحية ما تشهده المناطق الحدودية من توترات متلاحقة نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سيادة لبنان وأمنه واستقراره والتي تشكّل بدورها خطراً حقيقياً عليه في كل اتجاه.

وما الفتنة البغيضة التي حاول البعض اثارتها ولا يزال البعض الآخر يحاول اخراجها من حجرها في هذا البلد الا دافعاً قوياً للمخلصين والعقلاء والحكماء من أبناء لبنان للقضاء عليها في مهدها ووضع حدّ لمسببيها والمشاركين فيها لأي جهة كانوا ومهما علا شأنهم.