بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 تشرين الثاني 2019 12:12ص وردة بطرس دبس رئيسة جمعية «مساواة» لـ«اللواء»: نطالِب بحكومة إنتقالية وطنية من خارج الطاقم السياسي

د.دبس خلال التظاهرات د.دبس خلال التظاهرات
حجم الخط
بعد مضي شهر على الثورة ما يزال المشهد اللبناني معقدا وضبابيا، ما ينذر مع الأسف بالإتجاه نحو مزيد من الإنهيار والفوضى.

إلا أن ما جرى منذ بداية الإنتفاضة الشعبية كرسّ واقعا جديدا لا يمكن تجاهله أو القفز فوقه. 

ومما لا شك فيه أن الأولوية اليوم بعد شهر من المخاض الصعب والخطير هو تشكيل حكومة جديدة على قدر طموحات ومطالب هذه «الثورة».

ويبقى السؤال: ما هو أفق الثورة ومصيرها في ظل ما يجري؟

وكيف يمكننا أن نقرأ المشهد السياسي اليوم، وبالتالي هل الحل ما يزال ممكنا؟

وماذا عن استرداد الأموال المنهوبة ؟

للإجابة على كافة هذه الأسئلة وغيرها، مواكبة منها لما يجري على الأرض، التقت «اللواء»رئيسة جمعية مساواة وردة بطرس للعمل النسائي ومنسقة الإعلام في «اللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضد المرأة» د.ماري دبس، فكان الحوار الآتي:

الإنتفاضة ماضية حتى تحقيق أهدافها

{ بعد مضي شهر، ما هو أفق الثورة ومصيرها في ظل ما يجري؟

- أود، بداية، القول أن كلمة «إنتفاضة» تتناسب أكثر من كلمة «ثورة» مع ما يجري اليوم في لبنان، ذلك أن المطالب التي طرحتها الحركة الشعبية عموما تطال محاسبة السلطات لتسببها بالأزمة الاقتصادية – الإجتماعية والسياسية التي تعيشها البلاد، نتيجة للسياسات والهندسات المالية التي اعتمدتها، وخاصة نتيجة الفساد والزبائنية اللذين أوصلا البلاد إلى حالة من الانكماش تشكّل خطرا جديا على الوطن، يماثل ربما خطر الاعتداءات الصهيونية السابقة.

هذا ما تؤكده المطالب التي توصلنا للإتفاق عليها بعد شهر ونيف من التواجد في الشارع، وأبرزها:

 رفع الغطاء عن كل من تعاطى الشأن العام منذ العام 1992 وتشكيل لجنة قضائية نزيهة لاسترجاع الأموال المنهوبة.

 وضع خطة طوارىء إقتصادية ومالية لوقف التدهور.

 وضع قانون إنتخابات جديد خارج القيد الطائفي يعتمد النسبية وتخفيض سن الإقتراع إلى الثامنة عشرة.

لذلك أرى أن الإنتفاضة ماضية حتى تحقيق أهدافها، كونها أهداف إنقاذية وطنية».

تفاعل بين الناس

{ نحن نعلم أن جمعية مساواةـ وردة بطرس تشارك منذ اللحظة الأولى في الحراك، وهناك العديد من الأنشطة التي تقوم بها؟

- هذا صحيح، لأن جمعيتنا كانت، منذ عشر سنوات وحتى اليوم، في طليعة الهيئات التي ناضلت من أجل غد أفضل للشعب اللبناني، إن من خلال برنامجها النسائي أم من خلال تواجدها في قيادة «اللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضد المرأة»، أم خاصة عبر الدور الذي تقوم به في اللقاء النقابي – الشعبي التشاوري ومن أجل تحقيق البرنامج الذي وضعه، إن بالنسبة لحق العمل، أم التعليم، أم المرأة، أم الصحة والايجارات.

لذا، عمدنا مع الإتحاد الوطني لنقابات العمال إلى التواجد اليومي وتنظيم النقاشات التي تناولت العديد من المواضيع: التعليم، حقوق المرأة، مشاكل الفساد، خاصة في قطاع الطاقة، الحركة النقابية ودورها في الانتفاضة، دور المثقفين في تعميم الوعي... لأننا نعتقد أن النقاش يخلق تفاعلا بين الناس ويؤدي إلى وضع برامج اجتماعية واقتصادية وسياسية ذات بعد وطني».

المشهد السياسي الرسمي معقد

{ ماذا عن المشهد السياسي، وهل تعتقدين أن الحل ما يزال ممكنا؟

- المشهد السياسي الرسمي معقد، خاصة إذا ما أخذنا بالإعتبار أن من هم في السلطة مضى على وجودهم ثلاثين عاما، وأن التجدد الوحيد الذي تم كان عبر الاتيان بالأولاد وحتى بعض الأحفاد، الأمر الذي حولنا إلى ملكية مقنّعة... ولا ننسى الأهم، أي المحاصصة الطائفية والمذهبية التي تساعد من هم في مواقع القرار على الإمساك بزمام الأمور والاستفادة من المحاصصة لإقامة نظام متكامل مبني على الزبائنية.

وبما أننا وصلنا إلى شفير الهاوية، كانت الانتفاضة، لذا لا بدّ أن تتغيّر الصورة، وإلا فقدنا الوطن.

من هنا، الحل السياسي الضروري هو في إلغاء الأساس الطائفي الذي تسبب لنا بالمآسي منذ الإستقلال، إن مآسي الحروب الأهلية أم الانهيارات الإقتصادية والضغوط الاجتماعية.

وهو أمر ممكن، كون الدستور الذي وضع في اتفاق الطائف أقرّ إلغاء الطائفية في مجلس النواب وكذلك في الوظائف العامة. ولو أنه طبّق تدريجيا لما وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم.

فلنذهب على استفتاء وطني، أليس الشعب هو مصدر السلطات؟؟».

إصرار على الإستمرار

{ ما تعليقك على ما جرى مؤخرا قبيل انعقاد الجلسة النيابية؟

- الشعب رفض انعقاد الجلسة النيابية، لأنه يرفض محاولات التهرّب التي يمارسها من هم في الحكم، وربما عدم فهمهم لما يجري أو عدم تصديق أن الناس تريد التغيير، وتريد الديمقراطية الفعلية، وترفض الإبقاء على سلاح الإنقسام الطائفي.

هذه المحاولات التي تتمثّل بطرح قانون للعفو العام يستخدم وجع الناس الذين قضوا سنوات في السجون دون محاكمة، وثورة عائلاتهم، من أجل إمرار مواد تعفي المسؤولين الفاسدين الذين استخدموا المال العام أو استخدموا نفوذهم من أجل جني الأموال وتوظيف الأقارب والاستيلاء على الأملاك العامة – خاصة البحرية والنهرية – والمشاعات، وارتكاب الجرائم البيئية وغيرها.

أما إطلاق النار باتجاه المتظاهرين وقمعهم، ومحاولة اعتقال بعضهم، فمرفوضة ولن تجدي نفعا بكل الأحوال، كما لم يجد نفعا التهويل بتدخّل السفارات والتركيز على نظرية المؤامرة... 

وقد جرّبوا ذلك مرارا في بيروت وصور والنبطية وخلدة، فكانت الجماهير في كل مرّة تعود أقوى مما كانت عليه سابقا، وأكثر إصرارا على الاستمرار، يزيدها اندفاعة سقوط ثلالثة شهداء قدموا نفسهم من أجل أن يحيا الوطن».

حكومة إنتقالية وطنية

{ بتقديرك، ما هو المخرج لموضوع تشكيل الحكومة في ظل إنقسام الرأي بين حكومة «تكنوقراط» وحكومة «تكنو سياسية»؟

- أعتقد أن في هذه التسميات محاولة للإلهاء. فقد جربنا سابقا هذين الشكلين، قبل الحرب الأهلية وبعدها، ولم نصل إلى نتيجة في ظل المحاصصة الطائفية، عدا عن أن هذه التسميات تغطي عمليا عودة بعض الفاسدين من الشباك، ونحن نحاول إخراجهم من الباب...

ألم يكن هذا في أساس محاولة تسمية من استولى على شواطيء بيروت رئيسا مكلفا للحكومة؟ 

بكل الأحوال، عندما نطالب برفع الغطاء، فهذا يطال الجميع دون استثناء، من الذين حاولوا قمع الانتفاضة إلى الذين يحاولون التسلق مجددا على أكتافنا... وهذا يعني أن الكل تحت المجهر بانتظار القول الفصل للقضاء.

لذا، ما نطالب به واضح، وهو حكومة إنتقالية وطنية، من خارج الطاقم السياسي الذي حكم منذ نهاية الحرب الأهلية وحتى الآن. 

حكومة يتمتّع رئيسها وأعضاؤها بالنزاهة ونظافة الكف والمصداقية والكفاءة والوطنية، ومهماتها الثلاثية محددة، كما سبق وقلت».

الأهم إستقلالية القضاء

{ يحكى عن فساد لكننا حتى اللحظة لم نر أحدا خلف القضبان، فما الوسيلة الحقيقية لمكافحة هذا الفساد؟

- نظريا هناك قوانين محاسبة، غير أنها بحاجة لمراسيم تطبيقية. كما أن هناك إقتراحات قوانين قدّمت منذ سنين ولم تدرس حتى الآن.

الأهم من كل ذلك، هو استقلالية القضاء وفصله عن السياسة، حتى يستطيع القيام بواجبه في إنجاز هذه المسألة الهامة والمصيرية.

متفائلة بقدرة شعبنا

{ ختاما، هل أنت متفائلة بعودة الأموال المنهوبة؟

- أنا متفائلة بقدرة شعبنا على ملاحقة من ارتكب الجرائم بحقه وحق الوطن. فهذا الشعب، بما برز لديه من وعي ونضوج وروح عالية من المسؤولية – وخاصة بين الشابات والشباب ممن يشكّلون الجيل الجديد – سيحقق المعجزات، وسيستعيد الأموال المنهوبة كما استعاد جيلنا والجيل الذي أتى بعدنا أرضنا من دنس الاحتلال الصهيوني...

إن إصرار الشباب على البقاء في الوطن، رغم كل الصعوبات، هو خير دليل على أننا نجحنا في تربية أبنائنا على حب الوطن... وهذا فخر لنا».


وفي إحدى الحوارات