بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 أيلول 2020 08:16ص الحكومة التي على «وشك».. تقطيع السنتين.. أم بدايةُ «المسار»؟!

حجم الخط

الواحدة تلو الأخرى، تتساقط حبّات رمل الساعة الحكوميّة، منذرة باقتراب "اللحظة الحاسمة"، التي ينتظرها صنّاع المبادرة الفرنسيّة واللبنانيّون على حدّ سواء. فمهلة الـ 15 يومًا التي وعدت بها الطبقة السياسيّة الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون، لتشكيل الحكومة المنتظرة، على وشك الانتهاء في ظلّ تساؤلات عدّة تُطرح حول سيناريوهات الحلّ.

فمنذ أيام طرأت مستجدات متنوّعة على الساحة الداخليّة، لجأ البعض إلى ربطها بمسار التأليف الحكوميّ، منها العقوبات الأميركيّة التي طالت الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، إضافة إلى الوضع الأمنيّ المتمايل على حدّ شعرة.

"رسالة أميركيّة سلبيّة"

فـ"العقوبات بعثت رسالة سلبيّة أميركيّة"، كما يرى الصحافيّ والكاتب قاسم قصير في حديثه إلى "اللواء"، غير أنّه اعتبر أن "لا صلة مباشرة لها بموضوع تشكيل الحكومة المرتبط بالحسابات اللبنانيّة الداخليّة"، موضحًا أنّ "العقوبات أشعرت طرف حزب الله وحلفائه بالاستياء والنقمة، لكن في الوقت نفسه هم لن يسمحوا لها أن تؤدي إلى عرقلة تشكيل الحكومة، فالاتصالات مستمرة على أكثر من اتّجاه من أجل تسهيل عمليّة التأليف".

أمّا عن تمسّك رئيس مجلس النواب نبيه بري بوزراة المال، رغم العقوبات على الوزير السابق علي حسن خليل، فرأى قصير أنّ هذا الموقف "ليس له علاقة بالعقوبات، إنّما يتّصل بما يسمّى إعطاء الشيعة حقّ التوقيع الثالث، وتثبيت الموازين الداخليّة"، مشيرًا إلى أنّه بحسب معلوماته "المفاوضات مستمرة في هذا الاتّجاه على أمل أن تُذلّل هذه العقبة".

الإعلامي قاسم قصير يروي مسيرته المهنية

(الصحافيّ والكاتب قاسم قصير)

خيار "انتحاريّ"

قصير استبعد ما يُحكى عن استخدام الورقة الأمنيّة لمحاولة الإبقاء على حكومة تصريف الأعمال لغاية الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة المقررة في تشرين الثاني/ نوفمبر، واصفًا هذا الخيار بـ "الانتحاري"، فالبلد لا يحمل الانتظار في ظلّ الوضع الماليّ والاقتصاديّ الصعب، لافتًا إلى أنّنا "أمام فرصة يُفترض الاستفادة منها وتسهيل تشكيل الحكومة، وهذا يتطلّب المرونة من الجميع، والفرنسيّون يتابعون الوضع وحريصون على الوصول إلى نتائج إيجابيّة، فالبلد لا يتحمّل خضّات أمنيّة ولا الانتظار الطويل".

كذلك استبعد الكاتب قاسم قصير أن يلجأ الرئيس المكلّف إلى الاعتذار، لأنّ اختيار مصطفى أديب ليس محليًا فحسب، بل هو خيار فرنسيّ ودوليّ، مشيرًا إلى أنّ الجهود متواصلة من أجل استكمال التأليف في أسرع وقت ممكن، لأنّ البلد لا يتحمّل، والوقت أصبح ضاغطًا على الجميع".

رحلة اللواء ابراهيم والرسائل الفرنسيّة

فيما "يبقى لبّ القضيّة" بالنسبة للخبير العسكريّ العميد المتقاعد نزار عبد القادر، "أنّ الطبقة السياسيّة اليوم تبحث عن أساليب جديدة من أجل عرقلة مسار المبادرة الفرنسيّة، أو أيّ مبادرة أخرى يمكن أن تشكّل خطرًا على مصالحهم وتمتّعهم بالهيمنة الكاملة على الدولة ومواردها"، لافتًا إلى أنّ "هناك مشكلة قديمة جديدة يطرحها رئيس الجمهورية الذي كان يفترض به أن يكون المدافع الأول عن المبادرة الفرنسيّة التي جاءت فعليًا لتنقذ عهده من السقوط أمام ضغط الشارع، فإذا به يضع العراقيل ويتحدث عن أنّه لن يتنازل عن حصّته، وبدأ يسوّق لعدد من الوزارات والأسماء. فكلّ ذلك يشكّل سببًا في تأخير تشكيل الحكومة".

إلّا أنّه رأى في حديث إلى "اللواء"، أنّ "هناك أملًا بعد رحلة اللواء عباس ابراهيم الأخيرة إلى باريس واجتماعه مع الفريق الفرنسيّ المتابع لمبادرة ماكرون، لنرى ما هو تأثير الرسائل والمعلومات التي حملها ابراهيم للرئيس عون أو للثنائي الشيعي، على مسار تسهيل عمليّة التأليف".

العميد المتقاعد نزار عبد القادر : المعركة في جرود عرسال قد تستغرق أسابيع

(العميد المتقاعد نزال عبد القادر)

"مساحة المناورة ضاقت على حزب الله"

عبد القادر أشار إلى أنّ "العقوبات الأميركيّة التي فُرضت مؤخرًا، تشكّل إعلانًا واضحًا بأنّ مساحة المناورة أمام الحزب قد ضاقت أميركيًا، وبأنّ الأمور مربوطة بالوقت المناسب لطرح مصير الحزب في لبنان على بساط البحث. وكلّ هذا يجب وضعه في الاعتبار".

كما أوضح الخبير الاستراتيجيّ أنّ "وجهة نظر الرئيس بري بالنسبة للتمسّك بوزارة الماليّة تتعلّق بالميثاقيّة، ولكن تبيّن من أسباب العقوبات الأميركيّة التي فرضت على الوزير السابق علي حسن خليل، بأنّ هذه الوزارة لا تستعمل فقط من لأجل تأمين حقّ الشيعة الميثاقيّ في المشاركة في الحكومة، ولكنّها تستعمل أيضًا من أجل مساعدة حزب الله على تجاوز العقوبات، وهذا ما أظهرته التقارير التي تحدثت عن التغطية الماليّة التي قام بها الوزير حسن خليل أثناء الانتخابات لمرشّحي الحزب".

عن سيناريو أمنيّ محتمل يمكن أن يشلّ تشكيل الحكومة، رأى عبد القادر أنّ "الحزب وبطرق لا يمكن ربطها بصلة مباشرة بموضوع تشكيل الحكومة، يسعى إلى وضع عرقلات وزيادة التعقيدات في الوضع السياسيّ اللبنانيّ، من خلال قضايا يسهّلها أو يقف وراءها، كزيارة إسماعيل هنية إلى لبنان واجتماعه مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن الله، ومع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب، والعراضة المسلّحة التي جرت في مخيم عين الحلوة، مع كلّ الرسائل التي وجّهها هنية بالصواريخ إلى ما بعد بعد تل أبيب، حيث تبيّن بأنّه يحفظ جيدًا دروس السيد حسن نصر الله في هذا الصدد، فهي أيضًا لخلق تعقيدات في الواقع اللبنانيّ".

كما وضع عبد القادر حريق المرفأ أمس، "في مسار إضافة المزيد من العراقيل أمام استرخاء الوضع السياسيّ الذي يسهّل مبدئيًا تشكيل حكومة، ولكن هل نصل إلى مشكلة أمنيّة كبيرة؟ لا بدّ من انتظار المزيد من العقوبات الأميركيّة لبلورة طريقة الحصار التي تحاول الولايات المتحدة أن تضعها كخيار أمام سلاح حزب الله".

العقوبات الأميركيّة ستكون "الحدّ الفاصل"

"عند اتّضاح المخطّط الأميركيّ"، يشير العميد المتقاعد إلى أنّه "يصبح أمام حزب الله وأمام اللبنانيّين خيار من اثنين للخروج من المأزق، إمّا أن يذهبوا إلى الحوار وبالواقع، يعتمد حزب الله عقلانيّة سياسيّة وحكمة في تأجيل انفجار هذا الصراع، وإمّا أن يتمّ الذهاب تحت مطلب السيادة من قبل بعض الفرقاء، وعلى رأسهم البطريرك ووراءه شارع مسيحيّ عريض، وبعض الشارع الإسلامي أيضًا، إلى مواجهة بين حزب الله وفرقاء لبنانيّين".

عبد القادر لفت إلى أنّ "موضوع العقوبات الأميركيّة سيكون حدًا فاصلًا، كما أنّه يشكّل تهديدًا مباشرًا بعد إشراك "المردة" بها، من خلال الوزير السابق يوسف فنيانوس، ممّا يفرض خيارًا صعبًا أمام كلّ قوى 8 آذار، إن كانت ستكيّف مواقفها مع النوايا الأميركيّة، أم أنّها ستستمر في الهروب إلى الأمام ودعم حزب الله".

في ظلّ هذه السيناريوهات المترامية الأطراف، يبقى مصير المسار الحكوميّ رهن الساعات المقبلة، وسط تحديات جمّة سيواجهها مجلس الوزراء الجديد، المعوّل عليه داخليًا وإقليميًا ودوليًا للخروج بلبنان إلى شطّ أمان نسبيّ، يجنّبه فخّ مواجهة "التوحّد" مجددًا.