بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 كانون الأول 2023 12:05ص الحوار الرئاسي فوق الطاولة أو تحتها؟

حجم الخط
إقبال اللبنانيين المنتشرين على القدوم إلى الوطن لتمضية الأعياد بين الأهل والأصدقاء، رغم الظروف الدقيقة التي يمر بها البلد، والتهديدات الإسرائيلية اليومية، ليست مجرد ظاهرة عابرة، بقدر ما هي إختبار جديد لمدى تعلق اللبنانيين بوطنهم، وشغف الأجيال الجديدة بالبلد الذي نشأوا وترعرعوا فيه، رغم الأخطار المحدقة به، بسبب الإعتداءات الصهيونية المتصاعدة على القرى الآمنة في الجنوب. 
 مشاهد الفيضانات في الشوارع بمياه الأمطار،  زحف العتمة المستجد خلال موسم الأعياد، نتيجة افتقاد مادة الفيول، الإنقطاع المستمر للمياه في بيروت والمناطق، الفوضى السائدة في خدمات المطار، الشلل الحاصل في المرافق والإدارات العامة في الدولة، فوضى الأسعار العارمة في الأسواق، كلها مؤشرات سلبية عن الوضع المأزوم في البلد، ولكنها لم تنل من عزم اللبنانيين على المجيء من مختلف بلدان الإنتشار،  من دول الخليج العربي جنوباً حتى أميركا وكندا شمالاً، طبعاً مروراً بمختلف الدول الأوروبية . 
ولكن هذا الحماس الوطني الإغترابي، تُقابله برودة جليدية في الوضع السياسي في الداخل، وكأن ساسة آخر زمان إستسلموا لعجزهم الفادح عن إيجاد الحلول الخلاّقة للأزمات المتناسلة في البلد، بدءاً من إنتخاب رئيس الجمهورية وإعادة الإنتظام بعمل المؤسسات الدستورية، وتشكيل حكومة قادرة على إستعادة ثقة الداخل والخارج، ووضع البلد على سكة الإصلاح والإنقاذ، وصولاً إلى تسوية رواتب القطاع العام حتى يستقيم العمل والإنتاج في الإدارات الرسمية، وتحصيل المستحقات المالية لتغذية خزينة الدولة الخاوية. 
هذا الجمود في الحركة السياسية تجاوز حدود البلادة الموسمية، وأصبح نوعاً من الإنهزامية المهيمنة على مختلف القيادات الحزبية والسياسية، التي تبدو وكأنها معلّقة بحبال هواء اللجنة الخماسية، وما يحمله الموفدون من الأشقاء القطريين والأصدقاء الفرنسيين. 
السؤال الذي يشغل اللبنانيين اليوم هو: لماذا لا تتكرر تجربة التوافق العريض على التمديد لقائد الجيش، بالنسبة للإنتخابات الرئاسية، خاصة وأن رئيس المجلس النيابي أطلق وعداً بالعودة إلى جلسات الإنتخابات الرئاسية بعد الأعياد. 
لقد أنتج التوافق على جلسة التشريع والتمديد إنجازات مهمة، أولها إنقاذ المؤسسة العسكرية من السقوط في فراغ القيادة، بالإضافة إلى مجموعة من القوانين، وبينها عدة إتفاقيات لقروض دولية وعربية من شأنها أن تحرك العجلة الإنمائية في البلد. 
الرد الأولي من رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع على مبادرة رئيس مجلس النواب يمكن أن يفتح ثغرة في جدار الحوار المطلوب. 
فهل من يتجرأ على خوض غمار الحوار الرئاسي، فوق طاولة الحوار أو تحتها، لإنقاذ الجمهورية من هذا التخبط المريع؟