بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 كانون الثاني 2024 12:05ص الموازنة إنجاز.. ما له وما عليه!

حجم الخط
بغض النظر عن أجواء المزايدات والعنتريات التي سادت جلسات مناقشة الموازنة، لا بد من الإعتراف بأهمية إنجاز الموازنة في مواعيدها القانونية من قبل حكومة تصريف الأعمال، ثم إقرارها أيضاً ضمن المهلة القانونية، وذلك للمرة الأولى في سنوات الإضطراب السياسي. 
ثمة ثغرات عديدة في الأرقام الواردة في أبواب الموازنة وبنودها، وهذا يحصل حتى بموازنات الدول المتقدمة والمستقرة، حيث تختلف أرقام الواردات والمصروفات واقعياً، عن التقديرات الواردة في مشروع الموازنة، لأسباب عملية، لها علاقة بالتطورات السياسية والإقتصادية اليومية في البلد، وحالة الإستقرار الأمني والسياسي. فكيف إذا كان واقع البلد أبعد ما يكون عن الإستقرار.
غياب الإصلاحات البنيوية، المالية والإدارية، ليس مفاجئاً، في مرحلة تفتقد فيها الدولة إلى رؤيا إنقاذية واضحة، وحكومة تصريف الأعمال غير قادرة على وضع برنامج إصلاحي قادر على تحقيق الأهداف المنشودة منه، داخلياً وخارجياً، بسبب الإنقسامات السياسية التي عطّلت فعالية جلسات مجلس الوزراء. 
هذا الكلام ليس في معرض الدفاع عن الحكومة والموازنة الموصوفة، بقدر ما هو وصف واقعي للحالة السياسية المتعثرة، وضرورة التعاطي مع الشؤون اليومية بواقعية وتجرد، حتى نستطيع نقد الرسوم والضرائب الواردة فيها بموضوعية، خاصة في هذه الظروف المعيشية الصعبة، التي تعيشها الأكثرية الساحقة من اللبنانيين على إيقاع الإنهيارات المالية والإجتماعية المتلاحقة. 
الإشكالية الأساس في أرقام الواردات أنها إعتمدت معدلات مرتفعة من الرسوم والضرائب، لا تتناسب مع معدل الدخل الفردي، سواء بالنسبة للموظف أم لأصحاب المهن الحرة والتجار، طالما أن زيادات الرواتب في القطاع العام لم تقر بالصيغة النهائية، ولم تأخذ طريقها إلى التنفيذ. كما أن الرواتب في القطاع الخاص مازالت في مرحلة إعادة التوازن والتقييم.  خاصة وأن الدولة لم تحسم بعد مسألة توحيد سعر الدولار، لإنتظام التعامل مع العملة النقدية، سيّما وأن لبنان أصبح من البلدان الاوائل في العالم الذي يتعامل بالكاش، وما أدراك ما تحمل هذه الفوضى العارمة، في انتشار التعاطي بالعملة النقدية، خاصة الدولار الأميركي. 
والأنكى أن معظم الرسوم والضرائب على السلع والخدمات قد تضاعفت عشرات المرات عما كانت عليه، دون حصول أي تقدم في القطاعات الحيوية للناس، من كهرباء ومياه، وإتصالات ومواصلات، فضلاً عن إستمرار تدني الخدمات في البنية التحية، وخاصة في الطرقات التي تتحول إلى بحيرات كلما أفادت السماء بخيراتها على هذا البلد المنكوب. 
وكل موازنة  وأنتم بألف خير!