بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 شباط 2020 08:13ص حسني مبارك : بطل بنهاية إغريقية

حجم الخط
برحيل الرئيس حسني مبارك يغيب آخر رموز عصر التضامن العربي، الذي إستطاع التصدي لكثير من التحديات الإقليمية والدولية، أخفق في إحباط بعضها، ولكنه صمد وربح معظمها، من خلال «مثلث التنسيق والتضامن الذهبي»، الذي جمع القاهرة والرياض ودمشق.

 لم يكن الرئيس الراحل أحد أبطال حرب أكتوبر، الذي قاد أولى الغارات على المواقع الإسرائيلية في منطقة قناة السويس وصحراء سيناء وحسب، بل كان دائماً المرجع العربي الدائم، لمعالجة الأزمات الطارئة، والحروب الداهمة في المنطقة، وصاحب المساعي الحميدة لإنهاء الخلافات بين الأشقاء، وللحفاظ على سلامة الأمن القومي العربي.

 كان صاحب مكانة مميزة في عواصم القرار الدولي، حيث أقام علاقات صداقة مع العديد من الزعماء والقادة في أوروبا والولايات المتحدة، وكانت كلمته مسموعة في المحافل الدولية، وجعل من القاهرة المحطة الأولى في زيارات الرؤساء الأوروبيين والأميركيين إلى المنطقة. إستطاع مبارك أن يُخرج مصر من عزلتها العربية، وأعاد العلاقات مع الدول العربية إلى مجاريها الطبيعية بسرعة قياسية، وعادت الجامعة العربية إلى حضن القاهرة، بعد إنتقالها الإضطراري إلى تونس إثر زيارة السادات إلى القدس، وإبرامه إتفاقية السلام مع الدولة العبرية.

 شهدت مصر في سنوات حكم مبارك، التي إمتدت على ثلاثة عقود، من ١٩٨١ إلى ٢٠١١ ، نهضة عمرانية شاملة، وطفرة إقتصادية كبيرة، تم خلالها إنشاء مدن جديدة، وتحويل مناطق صحراوية إلى منتجعات بمستويات عالمية، وحققت الحركة السياحية أرقاماً قياسية، وإرتفعت الصادرات المصرية إلى معدلات غير مسبوقة.

 كان لبنان حاضراً دائماً في يوميات الرئيس المصري الراحل، الذي كان يسارع إلى إيفاد مبعوثيه إلى بيروت لإطفاء نار الصراعات الداخلية، وتطويق الخلافات السياسية، وإعادة الجميع إلى طريق الدولة والشرعية.

 عندما تدخلت عائلته في لعبة السلطة، أفسدت إنجازاته، وشوهت سمعته، وكانت خطة توريث الحكم لأحد أبنائه في مقدمة الأسباب التي أدت إلى إندلاع ثورة ٢٥ يناير، وسقوط حكمه، وكتابة نهاية حياته بمشاهد أبطال التراجيديات الإغريقية !