بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 آب 2023 12:05ص دعم العسكر في ذمة السلطة السياسية

حجم الخط
 سقوط طائرة الهليوكوبتر في حمانا، وسقوط ضابطين شهيدين، وجرح المعاون المرافق لهما، يُعتبر حادثاً عادياً في جيوش العالم، حيث تتعرض الطائرات لمثل هذه الفاجعة أثناء التمارين العادية، ولكن حادثة أول أمس فتحت الجروح التي يُعاني منها الجيش والقوى الأمنية الأخرى، في هذه الظروف المعيشية الصعبة، والمحفوفة بشتى المخاطر الأمنية. 
مازالت الأسلاك العسكرية والأمنية، ضباطًا وجنوداً، يمثلون أروع صور التضحية والإخلاص للوطن، وهم الملاذ الأخير للبنانيين للخروج من مرحلة الإنهيارات والتخبط السياسي، لأنهم مازالوا يقومون بواجبهم الوطني، ويتحملون المسؤوليات الجسام، للحفاظ على ما تبقّى من هيبة الدولة المنهكة بالعجز والفساد، ولحماية هذا الإستقرار الهش مما يتعرض له من إهتزازات أمنية مفاجئة، على نحو ما حصل مؤخراً في الكحالة. موظفو القطاع العام أضربوا لأشهر طويلة، وعطلوا مصالح الناس والجباية المالية، في الدوائر العقارية والمالية والضمان ومصلحة تسجيل السيارات، وغيرها كثير، وذلك إحتجاجاً على انهيار قيمة رواتبهم، وللمطالبة بتحسين معاشاتهم بما يتناسب وتراجع القوة الشرائية لليرة. في حين بقي العسكريون ورجال الأمن يقومون بواجباتهم اليومية المرهقة، وتحمّل تداعيات فشل السلطة السياسية في تلبية حاجات الناس، فضلاً عن مضاعفات الخطابات الشعبوية، وما تحمله من شحن في النفوس، وتجييش في العقول، وتحريض في الشارع، وزرع بذور الكراهية، كسباً لزعامة كرتونية، أو إمعاناً في شد العصب ونشر التعصُّب في زمن الإفلاس السياسي، وغياب العمل الوطني. 
تضحيات الجيش والقوى الأمنية تستحق كل تقدير، من السلطة السياسية أولاً، التي تتهرب من مسؤولياتها البديهية، في تأمين متطلبات الأسلاك العسكرية والأمنية، ليس بالنسبة للرواتب وحسب، بل على كل المستويات اللوجستية والصحية والتربوية والإجتماعية، خاصة وأن مخصصات كبار الضباط المتقاعدين وأسر الشهداء لم تعد تكفي لسد الرمق ، ولا لشراء دواء، أو تأمين علاج للحالات الطارئة، أو الأمراض المستعصية. 
لم يعد يجوز السكوت على السمسرات والصفقات بملايين الدولارات، وعناصر جيشنا والقوى الأمنية محرومة من أبسط ضرورات الحياة اليومية. فهل معقول أن تبقى أرقام جهاز أمني فاعل ورئيسي بنفس المستوى الذي كانت عليه قبل الأزمة، بحيث تصبح مئات الملايين من الليرات بضعة عشرات الآلاف من الدولارات فقط؟ 
صمود الجيش والقوى الأمنية يحتاج إلى كل أنواع الدعم، ويبقى هذا الدعم ذمة لدى السلطة السياسية!