بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 تموز 2023 12:00ص سلامة قال نصف الحقيقة ومشى..

حجم الخط
من حق رياض سلامة أن يُقدم كشف حساب في الأيام الأخيرة من ولايته،محاولاً، ولو متأخراً، أن يُدافع عن نفسه، مبرراً حيناً بعض الإجراءات التى إتخذها تحت ضغوطات الأزمة التي إندلعت غداة إنتفاضة ١٧ تشرين، ومُلمحاً بكثير من المواربة بأن أصول الإنهيار المالي والنقدي تعود إلى «الهدر» الذي حصل مع المنظومة السياسية، متجنباً الإشارة إلى أبسط علامات الفساد الذي شاع وإستفحل في السنوات الأخيرة التي سبقت إندلاع الأزمة المالية في أواخر عام ٢٠١٩.
لا أحد يستطيع القفز فوق مسؤولية الحكومات المتعاقبة، وأساليب المحاصصة والنهب التي تحكمت بالتحالفات السياسية، وما شابها من عمليات توزيع المغانم بين أطراف السلطة، ولكن لا يمكن في الوقت نفسه إنكار العوامل السياسية، والطموحات الرئاسية التي كانت تُدغدغ خيال رياض سلامة، مع كل إستحقاق رئاسي، حيث لم يكن خافياً حرصه على إرضاء أصحاب الطبخات الرئاسية، ومرجعيات القرار السياسي والحزبي في البلد، على أمل سلوك طريق بعبدا والوصول إلى قصر بعبدا.
صحيح أن قانون النقد والتسليف يسمح للبنك المركزي بإقراض الدولة، وفق ما قاله سلامة في مقابلته التلفزيونية الوداعية مساء أمس. ولكن الأصح أيضاً أن القانون نفسه أعطى حاكم المركزي صلاحية رفض تمويل الدولة، أو تقديم القروض لها، خاصة وأن سلامة كان يعلم أكثر من غيره حجم الهدر والنهب الذي تعرضت له مالية الخزينة، وأن قسماً كبيراً من المليارات التي تم إقرضها للدولة، بحجة تمويل الكهرباء والقمح والدواء والمحروقات، قد ذهبت إلى حسابات المسؤولين الفاسدين، وزبانيتهم من الأزلام والمحاسيب.
من الظلم بمكان تحميل رياض سلامة وحده مسوولية تداعي الإنهيارات المستمرة في القطاعين المالي والنقدي، فالإدارة السياسية القاصرة والفاشلة والفاسدة، تتحمل المسؤولية الأولى، بسبب سوء الإدارة والتخبط المستمر، فضلاً عن حالات عدم الاستقرار السياسية، التي كانت تتفاقم في فترات الشغور الرئاسي المتكرر من جهة، والفراغ الحكومي الذي كان يمتد أشهراً طويلة قبل توصل أطراف المنظومة إلى إتفاق على تأليف الحكومة الجديدة.
سلامة قال نصف الحقيقة ومشى..، فماذا عن الضياع في المرحلة المقبلة؟
الجواب يتطلب رهن الأيام القليلة المقبلة!