بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 كانون الأول 2023 12:05ص ضغط أميركي أم إبتزاز إسرائيلي..؟

حجم الخط
كان لا بد من الموقف المتقدم والجريء للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريتش، ليضع أعضاء مجلس الأمن الدولي، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، أمام مسؤولياتهم الدولية في التصدي لكل ما يهدد الأمن والسلم العالميَّين.  
لقد ضرب غوتيريتش على الطاولة، وتسلح بالمادة ٩٩ من الفصل ١٥ من ميثاق الأمم المتحدة، ليتحدى الموانع الأميركية المعروفة، والتي حالت دون عودة مجلس الأمن للإجتماع، بعد إنهيار الهدنة الإنسانية الأخيرة، وما أعقبها من تصعيد وحشي للقصف الإسرائيلي، الذي يدمر البشر والحجر، متجاوزاً كل القوانين والأعراف الدولية، ويصب كل حقده على المدنيين، نساءً وأطفالاً، ضارباً كل المعايير لحرمة المستشفيات عرض الحائط، ويمنع دخول المساعدات الإنسانية الضرورية لأكثر من مليوني نسمة، يعانون من حصار بشع لا يراعي أبسط الحقوق الإنسانية. 
تلك المشاهد الصادمة، بالأعداد الكبيرة للضحايا الأبرياء، وبهذا الحجم الرهيب للدمار لمدن ومخيمات قطاع غزة، والتي هزت ضمائر شعوب العالم، ودفعت الأمين العام للأمم المتحدة لدق ناقوس الخطر، لم تُحرك البيت الأبيض للتجاوب مع نداءات الملايين الذين خرجوا في شوارع واشنطن والمدن الأميركية والأوروبية مطالبين بوقف مجازر الإسرائيلية اليومية في غزة، وفرض وقف فوري للنار، وإدخال المساعدات الإنسانية دون العوائق الإسرائيلية المفتعلة. وأصرت الإدارة الأميركية أمس على إستعمال الفيتو لتعطيل إجماع مجاس الأمن في تأييد المشروع العربي لوقف فوري لإطلاق النار في غزة. 
بات واضحاً أن واشنطن لا تمارس الضغط اللازم على تل أبيب لوقف حرب الإبادة ضد الفلسطينيين في غزة، بل أن الإدارة الأميركية تخضع لإبتزاز اللوبي الصهيوني، عشية الإنتخابات الرئاسية الأميركية، وتحول دون وقف النار قبل أن يحقق نتانياهو خطوة واحدة إلى الأمام، لتبرير الخسائر الكبيرة بالرجال والعتاد التي مُني بها الجيش الإسرائيلي في الحملة البرية، ولتغطية الفشل الذريع في تحقيق أيٍّ من الأهداف التي أعلنها نتانياهو في الأيام الأولى للحرب، وفي مقدمتها تحرير الرهائن الإسرائيليين، والقضاء على حماس، قيادة وبنية عسكرية. 
دخلت الحرب شهرها الثالث، وحماس مازالت تطلق الصواريخ على تل أبيب وفي عمق الكيان المغتصب، والقتال على أشده على جميع المحاور في قطاع غزة، رغم القصف الهمجي المستمر على مدار الساعة براً وجواً وبحراً، ويدمر المباني والبيوت على رؤوس ساكنيها. 
ويبدو أن حماس مازالت قادرة على القتال أشهراً أخرى، مما سيفاقم الخسائر الإسرائيلية، ويُعجل بالنهاية المتوقعة لوجود نتانياهو في السلطة، وسقوط التيارات الدينية المتطرفة معه، وعودة اليسار وأحزاب الوسط إلى الحكم لإصلاح ما خرَّبه اليمين المتطرف في الداخل، وعلى مستوى المسرح السياسي الدولي.