بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 تشرين الأول 2017 12:06ص طروحات انتحارية لأحلام انفصالية..!

حجم الخط
من الطرافة بمكان أن تُدغدغ الحركات الانفصالية الصاعدة هذه الأيام، من كردستان شرقاً إلى إقليم كاتالونيا غرباً، بعض مراهقي العمل السياسي في لبنان، وتطلق مخيلاتهم المريضة، في رحلة من الأوهام، دفع أسلافهم أثمانها الباهظة في الربع الأخير من القرن الماضي!
ثمة من يراهن على نجاح البارزاني في فصل الإقليم ذات الغالبية الكردية عن جسم الوطن العراقي، الأمر الذي من شأنه، حسب أصحاب هذا الرهان طبعاً، إطلاق موجة الانفصالات والتقسيمات في المنطقة، والتي يمكن أن تشكّل فرصة للعودة إلى «لبنان الصغير»، في إطار المتن الشمالي وكسروان وصولاً إلى جبيل والبترون، وإنشاء كيان سياسي ذات أغلبية مسيحية!
لا ندري كيف يخطر على بال مَن يعتبرون أنفسهم قادة أحزاب وتيارات سياسية، مثل هذا التفكير الخيالي، ويتركون مسيحيي المناطق الأخرى خارج هذا الكيان المصطنع، الذي يضم أقل من نصف المسيحيين المنتشرين في مختلف المناطق اللبنانية.
لقد غاب عن أصحاب هذه الطروحات الانتحارية أن المسيحي المتجذر في أرض أجداده ليس سهلاً عليه أن يترك مسقط رأسه، ويتخلى عن تاريخه وتراثه، لينضم إلى دويلة لا تملك من أسباب الحياة ما يكفي لاستمرارها، في حال تعرّضت لأية أزمة، سواء من الداخل أو من المحيط الملاصق لها!
لقد تناسى منظرو الأنانيات والمصالح الضيّقة، أن البطريرك الحويّك، صاحب الرؤية الوطنية الشاملة، رفض عرض الفرنسيين بالاكتفاء بكيان صغير يكاد يقتصر سكانه على المسيحيين، وأصر على ضم الأقضية الأربعة وإنشاء «لبنان الكبير»، ليكون نموذجاً للتعايش الإسلامي - المسيحي، في وقت كانت الحركة الصهيونية تغرز أنيابها في أرض فلسطين لإقامة دولة عنصرية لليهود، على حساب أصحاب الأرض الأصليين من مسلمين ومسيحيين.
عشية ذكرى مرور مئة عام على قيام «دولة لبنان الكبير»، أكاد أسمع البطريرك الحويّك يصرخ من عليائه: «اغفر لهم يا أبتاه.. فهم لا يدرون ماذا يفعلون».