بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 شباط 2021 12:23ص لبنان بلا قضاء... والمواجهة باللحم الحي

حجم الخط
قد تختلف مع المحقق العدلي القاضي فادي صوان بطريقة إدارة ملف التحقيق في الانفجار الزلزالي في مرفأ بيروت، والذي ركز فيه على تقصير الأجهزة المعنية ومسؤولية الضباط المتواجدين في المرفأ، واقتصار الاستدعاء على بعض الوزراء السابقين، وعدم شمول الاستدعاءات كل الوزراء المعنيين طيلة فترة وجود شحنات الموت والدمار في المرفأ.
مضت ستة أشهر وبقي التحقيق يدور في هذه الحلقة المفرغة، دون أن يتطرق إلى أساس الكارثة، وكشف ملابسات وصول هذه الشحنة الكبيرة من الأمونيوم على باخرة مصيرها بقي ملتبساً، حيث «غرقت» على بعد أمتار من الرصيف الذي أفرغت عليه حمولتها، وأحاط الغموض بهوية أصحابها، فضلاً عن تضارب تصريحات قبطانها العجوز في وسائل الإعلام اللبنانية والأجنبية.
ولكن واقع التحقيق أصبح اليوم أكثر تعقيداً، وأشد ارتياباً، بعد قرار محكمة التمييز بكف يد المحقق صوان، تمهيداً لتعيين محقق جديد في أخطر كارثة عرفها لبنان في تاريخه الحديث، وفي انفجار هو الثالث من نوعه في العالم، بعد القصف الأميركي بالقنابل الذرية لمدينتي هيروشيما وناكازاكي في اليابان في أواخر الحرب العالمية الثانية.
لم تعد المسألة متوقفة على استقلالية القضاء وحسب، بل كشفت، مرة أخرى، حقيقة التسلط السياسي على الجسم القضائي، منذ تجميد التشكيلات القضائية في مكاتب رئاسة الجمهورية، وتسييس الملفات القضائية، إلى القرار الصادم باستبعاد القاضي صوان بدعوى «الإرتياب» التي تقدم بها النائبان غازي زعيتر وحسن علي خليل.
لم يخجل أصحاب القرار في السلطة من الدوس على دماء شهداء المرفأ، ولم تردعهم معاناة خمسة آلاف جريح ومعاق، ولا تشرّد ثلاثماية ألف عائلة من بيوتها المهدمة، ولا الحق الطبيعي لكل الشعب اللبناني بمعرفة الحقيقة في هذه الكارثة المدمرة، ولم يقيموا حساباً لترقب عواصم القرار الدولي والمؤسسات العالمية، لنتائج التحقيقات المحلية، بعدما رفض لبنان الرسمي إجراء أي تحقيق دولي لكشف ملابسات وقوع الإنفجار الزلزالي الذي أحرق أبرز مرافئ المتوسط، ودمّر أجمل الأحياء التراثية في بيروت.
لبنان المنكوب يفتقد القضاء.. وشعبه المعذب يواجه قدره مع هذه المنظومة الفاسدة باللحم الحي!