بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 آب 2023 12:01ص ماذا لو اهتزَّت التفاهمات الإقليمية؟

حجم الخط
«لبنان بلد الفرص الضائعة» هو عنوان المراحل التي أعقبت إنتهاء الحرب السوداء ١٩٩٠، وخاصة بعد إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام ٢٠٠٥، مروراً بإندلاع إنتفاضة تشرين ٢٠١٩، وصولاً إلى عُقَد الإنتخابات الرئاسية، والتي تحولت إلى أزمة سياسية عاصفة، تهدد الوحدة الوطنية، وتشكل خطراً مصيرياً على الكيان. 
والحديث عن تبدُّل مناخات التفاهمات الإقليمية، يقودنا إلى الكلام عن الفشل اللبناني في توظيف أجواء الإتفاق السعودي الإيراني في بكين، في ردم الهوة العميقة بين طرفي المعارضة والممانعة، والتوصل إلى تفاهمات داخلية تُنهي الشغور الرئاسي، وتفتح أبواب الإصلاح والإنقاذ، وتستعيد الثقة الخارجية المفقودة بالمنظومة السياسية، وأهل السلطة في لبنان. 
حاول كل طرف أن يوظف إتفاق بكين لمصلحته، ويُسهب في تفسير بنوده ونواياه على معايير مواقفه، الأمر الذي زاد الأمور تفاقماً، وأبقى مساحات الحوار مقفلة، على معاندات ومكابرات تجعل «من الحبّة قبّة»، وتُمعن في قطع قنوات التواصل بين الفرقاء السياسيين. 
والكلام عن الحوار أصبح حديثاً ذا شجون قي بلد قامت صيغته الوطنية أساساً على الحوار الذي أنتج الميثاق الوطني بين الرئيسين بشارة الخوري ورياض الصلح ودعم دولة الإستقلال الوليدة. ثم كان إتفاق الطائف الذي أنهى الحرب المديدة وأعاد السلام إلى الربوع اللبنانية، نتيجة أسابيع من الحوار المضني بين نواب الأمة، برعاية سعودية وعربية، أميركية وغربية، توافق أطرافها على مساعدة وطن الأرز في إستعادة توازنه الداخلي، وإعادة دوره المرموق في تعزيز صيغة الحوار والتعايش بين الأديان والحضارات. 
الإشكالية الأساس التي يُعاني منها الوضع اللبناني، تكمن في إفتقاد الرعاة، الأشقاء أو الأصدقاء، لطاولة الحوار بين اللبنانيين، كما كان يحصل في الماضي، وذلك لأسباب لبنانية وأخرى ذاتية، لا مجال للخوض في تفاصيلها، مقابل العجز اللبناني المتمادي في تنظيم الحوارات الداخلية، توصلاً إلى تفاهمات وتوافقات على طريقة «لا غالب ولا مغلوب»، والإبتعاد عن صيغة فريق منتصر وآخر منكسر، والحفاظ برموش العين على توازنات المعادلة الوطنية، والذهاب إلى الدولة المدنية، ووأد التجربة الطائفية التي جرّت الويلات على البلد، ولم تساعد على بناء الدولة الحديثة التي يستحقها اللبنانيون. 
فماذا ينتظر أهل المنظومة من الإتفاق السعودي - الإيراني بعد؟ 
وماذا لو تعرُّض هذا الإتفاق لنكسة ما في أحد مفاصله، وإنعكس إهتزازاً في التفاهمات الاقليمية الراهنة؟