بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 تشرين الثاني 2018 12:01ص مولد الرحمة

حجم الخط
لم يعرف التاريخ الإنساني على وجه الأرض عظيما من العظماء ولا زعيما من الزعماء ولا مصلحا من المصلحين استوعب في صفاته الذاتية والعقلية والنفسية والخلقية والدينية والروحية والاجتماعية والإدارية والعسكرية والتربوية ما استوعبه  شخصية النبي محمد  صلى الله عليه وسلم ، وما اختصه الله به من الكمالات التي تشرق في كل جانب من جوانبها وتضيء في كل لمحة من لمحاتها، حتى استحق أن يصفه الله عزوجل بالنور في مثل قوله تعالى {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين}.
ولا عجب في ذلك  فقد أرسله الله للناس كافة، قدوة صالحة لهم، ورحمة للعالمين. وهو القائل عن نفسه (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) فرسول الله  صلى الله عليه وسلم  منذ أن بعثه الله عزوجل للناس نبيا ورسولا كانت حياته صورة صادقة للدين الذي جاء به من عند الله.
قال الله تعالى {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا}، فهو القدوة إلى الخير والأسوة بين الناس إلى رضوان الله.
وأيما دعوة من الدعوات، لا يتأتى لها النجاح والانتشار ما لم يكن لها من أصحابها والداعين إليها قدوات صالحة في التطبيق العملي لتلك الدعوة في أخلاقهم وسلوكهم ومواقفهم في الحياة.
لقد كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  المثل الأعلى في ذلك فقد صنعه الله على عينه، وأدبه فأحسن تأديبه، وأعده لحمل رسالته وتبليغ دعوته وإخلاص العبودية لرب العالمين قال سبحانه: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم}.
لقد كان مولد محمد  صلى الله عليه وسلم  إيذاناً ببدء ثورة شاملة، حررت الإنسان والزمان والمكان، ورفعت عنها إصر عبوديات وأغلال كثيرة كانت تعيق انطلاقها جميعاً، فأخذ الإنسان حريته بيده، وصاغ هوية زمانه ومكانه صياغة جديدة، فجرت عناصر الخير في كل شيء، كان احتجاجاً قبلياً على كل عناصر الخير، فوقف الإنسان على ربوة التاريخ يسدّد خطواته نحو الأشرف والأفضل، ووقف المكان ليُلهم ويحتضن وينبت الأروع والأنصع، ووقف الزمان ليفسح ويتيح للأكمل والأشمل!

الشيخ علي خطاب