26 نيسان 2024 12:00ص في حوار مع مفتي بعلبك الهرمل الشيخ بكر الرفاعي: بعض الجهات السياسية تستغلُّ قضية اللاجئين لتحقيق مكاسب سياسية... والحل الأمثل بإيجاد حلول قانونية وإنسانية عادلة ودائمة لقضيتهم

حجم الخط
شكّلت قضية اللاجئين السوريين في لبنان محطة نقاشات كثيرة بين مختلف أفراد الشعب اللبناني، خاصة بعد تصاعد الحديث عنهم وعن أوضاعهم في ظل الموجة العنصرية التي سادت البلد مؤخرا وأدّت إلى سلسلة اعتداءات مرفوضة دينيا وقانونيا وإنسانيا، الأمر الذي طرح العديد والعديد من الأسئلة..
لماذا بين الفترة والأخرى تتصاعد لهجة العنصرية في بلادنا؟!..
ولماذا يتمّ استغلالها سياسيا ثم فجأة تنطفئ؟..
ولماذا أيضا يكثر الحديث عنها ولا نجد حلولا قانونية عادلة لها؟!..
وما موقف الإسلام من تلك التصرفات المرفوضة التي يمارسها البعض ضد اللاجئين في بلادنا؟..
أسئلة طرحناها على مفتي بعلبك الهرمل الشيخ بكر الرفاعي، وكان هذا اللقاء..

عنصرية يرفضها الإسلام 

{ بداية ما هو برأيكم سبب العنصرية تجاه النازحين السوريين في لبنان؟
- الأسباب متعددة منها الأسباب العنصرية، ومنها العوامل الاقتصادية والاجتماعية: يعاني لبنان من أزمات اقتصادية خانقة، وتفاقم البطالة، وازدياد الفقر، مما أدّى إلى شعور بعض اللبنانيين بأن اللاجئين السوريين يشكّلون عبئاً على الموارد المحدودة، ويزاحمونهم على فرص العمل.
وهناك الخوف من التغيير الديمغرافي: يُشكّل اللاجئون السوريون نسبة كبيرة من سكان لبنان، مما أثار مخاوف لدى بعض اللبنانيين من تغيير التركيبة السكانية للبلاد، وفقدان هويتهم الوطنية.
وكذلك الاستغلال السياسي، إذ تستغلّ بعض الجهات السياسية في لبنان قضية اللاجئين السوريين لتحقيق مكاسب سياسية، ونشر خطاب الكراهية والعنصرية ضدّهم.
ولا ننسى ضعف الوعي الذي يفتقده بعض اللبنانيين بمعاناة اللاجئين السوريين، وظروفهم القاسية التي دفعتهم إلى النزوح، مما يجعلهم أكثر عرضة لتلقّي المعلومات المضللة والمشحونة بالكراهية.
{ وما حكم الدين الإسلامي في قطع الأرزاق والاعتداء عليهم؟
- يُحرّم الإسلام قطع الأرزاق والاعتداء على اللاجئين، ويأمر الإسلام بإكرام الضيف وإعانته.
كما قد وضع الإسلام نظاماً فريداً لحفظ حقّ الجار، لحمته التراحم والتعاطف، وسداه التكافل والتكاتف، ومبناه على التعاون على البرِّ والتقوى، والتناهي عن الإثم والعدوان. لقيام بهذه الحقوق من أهم أسباب السعادة للفرد والمجتمع. فإن الناس في هذه الدنيا ممتحنون، والمصائب تحيط بهم من كل جانب. والإنسان بمفرده أضعف من أن يصمد طويلاً أمام هذه الشدائد، ولئن صمد، فإنه يعاني من المشقة والجهد ما كان في غنى عنه لو أن إخوانه التفتوا إليه، وحدبوا عليه، وهرعوا لنجدته، وأعانوه في مشكلته، فالمرء قليلٌ بنفسه، كثيرٌ بإخوانه وجيرانه وأهله.

واجب الدولة والعلماء

{ وما هو واجب العلماء والدولة؟
- يجب على العلماء نشر الوعي الديني الصحيح حول معاملة اللاجئين، وتبيان حرمة العنصرية والكراهية، والتصدّي لخطاب الكراهية، والدعوة إلى التسامح والتعايش بين مختلف مكونات المجتمع.
أما ما يجب على الدولة فهو توفير الحماية للنازحين السوريين، وضمان حقوقهم الإنسانية الأساسية، و العمل على تحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، ومكافحة خطاب الكراهية والعنصرية، ومعاقبة مرتكبيها، ووضع خطط فعّالة لإعادة تأهيل اللاجئين ودمجهم في المجتمع اللبناني.
{ وهل يكون الحلّ كما نراه اليوم بالعنصرية والتباغض؟
- كلا.. وإنما الحل بالحوار والتفاهم، فيجب تعزيز الحوار والتفاهم بين اللبنانيين واللاجئين السوريين، ونشر ثقافة التسامح والقبول.
والحل بالمسؤولية المشتركة فيجب أن يتحمّل الجميع، أفراداً ومؤسسات، مسؤولية معالجة قضية اللاجئين السوريين، وتقديم الدعم والمساندة لهم.
والحل بالدعم الدولي، إذا يجب على المجتمع الدولي تقديم المزيد من الدعم للبنان لمساعدته على تحمّل عبء اللاجئين السوريين.
وهناك الحلول الإقليمية وهي العمل على إيجاد حلول إقليمية شاملة للأزمة السورية، تمكّن اللاجئين من العودة إلى بلادهم بشكل آمن وكريم.
فالعنصرية والتباغض ليسا حلًّا، فإنّ العنصرية والتباغض ضدّ اللاجئين السوريين سيزيد الأمر تعقيداً، بل الحل يكمن في التعاطف والتعاون بين جميع أطراف المجتمع، والعمل على إيجاد حلول إنسانية عادلة ودائمة لقضية اللاجئين.
مع ضرورة التأكيد على أنّه ليس كلّ اللبنانيين عنصريين ضدّ اللاجئين السوريين، بل يوجد العديد من اللبنانيين الذين يتعاطفون معهم.