بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 نيسان 2021 09:17ص بعد أن قبّل المتنبي «خدود» التفاح اللبناني.. الزراعة إلى أين؟

حجم الخط
فيما المنتجات الزراعية الإسرائيلية تشق الطريق الى بلدان المنطقة مدعومة بمخصصات حكومية عالية وتسليفات مصرفية سخية، يستمر تراجع حصة الزراعة من موازنات الدولة اللبنانية، وتتوقف التسليفات المصرفية للمؤسسات الزراعية التي كانت في «لبنان الصغير» أساس الانتاج ومهد الثروة وسلة الغذاء وجزءا مهما من موارد العملات الأجنبية، واختفت تقريبا في «لبنان الكبير» مرورا بـ «لبنان الاستقلال» من مشاريع الدولة وخططها في إدارة الموارد الطبيعية، لصالح القطاعات الريعية والتجارية والخدماتية في استثمارات غير مجدية على طريقة Laissez passer و«أضرب وأهرب» أدّت الى تراجع التنوع الاقتصادي وهدر الموارد الحيوية وتلوث الأنهار والمياه الجوفية وفقدان الانتاج الزراعي قيمته الغذائية ونوعيته وجودته التي اتّسم بها في غابر الأزمان كما في الوصف الشهير لـ «أمجاد» تفاح لبنان في شعر أبي الطيب المتنبي:

أحب حمصا الى خناصرة

وكل نفس تحب محياها 

حتى التقى خدها وتفاح لبنان

وثغري على حمياها 

وكان ذلك قبل أن تصبح الزراعة في لبنان وعلى مدى نصف قرن قطاعا هامشيا وثانويا في القطاعين العام والخاص، وبات لبنان يستورد حوالي ٨٠% من حاجاته الغذائية ولا تساهم الزراعة فيه بأكثر من ٤% من الناتج الاجمالي وتشكّل ٦% فقط من القوى العاملة من الذكور و5,7% من الاناث مع أحجام الرساميل عن الاستثمار في قطاع حيوي بات عاجزا عن استقطاب الشباب وعن ملء الفجوة الغذائية التي تتسع في العالم في زمن المجاعات والوباء والغلاء.

«ولّى عهد الغذاء الرخيص الثمن»!

ففي الكتاب الصادر عن جامعة كاليفورنيا لمؤلفه Julian Cribb بعنوان «المجاعة المقبلة» الكثير من الدروس لأي حكومات في لبنان تغلب لديها السياسات الحزبية والفئوية على الاعتبارت الاقتصادية والحاجات الاجتماعية في عالم متغيّر حيث «عهد الغذاء المتوافر الرخيص الثمن قد ولّى»! وحيث «دول نامية تجوع، ودول متقدمة يعاني جزء كبير من شعوبها نقص الطعام وغلاء الأسعار» في منظر مروّع يرسمه الكتّاب لـ «مجموعات كبرى في العديد من سكان العالم تحوم على وجهها، تتنقل أو تهاجر من مكان الى آخر في أصقاع الأرض بحثا عن قوت يومها الذي نحر على مذبح دول وحكومات ومصارف وأغنياء وصناديق ومؤسسات استنزفوا طاقة ومخزون كوكب الأرض وتسببوا في تجويع مئات الملايين من البشر في نظام يعيش على عدم التوازن وحيث الفوارق في مستوى المعيشة تزداد بين دول العالم بسبب سياسات العزلة الاقتصادية والأنانيات السياسية التي بلغت درجة «ان الحبوب التي تطعم الحيوانات في أميركا تكفي لاطعام مليون جائع في العالم» كما الصورة المروّعة في الكتاب مقابل صورة عكسية يقول فيها أحد المزارعين في بلد آسيوي: «في مرحلة الشباب كنا نرى العشب أمام الماشية التي نرعاها، والآن نرى الفئران».

فلقد ولّى عهد الغذاء المتوافر للجميع مع ارتفاع عدد السكان ومعدلات الاستهلاك مقابل تناقص مخزون اهراءات القمح في عالم يحتاج الى زيادة ٥٠% في انتاج الغذاء خلال الـ٢٠ سنة القادمة، والى التغلب على نقص المياه التي تهدر في لبنان في نظام ري يجف، وزراعة تنهار، ودعم يتعثر، ومجاعة تدق الباب!