بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 شباط 2020 08:06ص بعض الأملاك العامة ضمن «هولدنغ» بتمويل ودائع مصرفية... بديلاً عن الخصخصة؟

رئيس المجلس طلب جردة كاملة عنها قبل شهرين

حجم الخط
 هل تفضل الابقاء على وديعتك بالدولار، ولا تستحصل منها بصورة نقدية الا على 200 أو حتى 100 دولار أسبوعيا؟ أم تفضل الحصول على وديعتك من «تجار الشيكات» الذين يدفعونها لك نقدا ولكن بخصم 20 أو 25 أو حتى 30% بدل الانتظار الطويل بسحوبات اسبوعية قد يقصر مداها أو يطول حسب قيمة الوديعة؟

إذا كان البعض يجيب ان الأفضل الابقاء على وديعته بالدولار بفائدة مجزية، أو أنه اذا احتاج الى شراء مبنى أو شقة أو سيارة يستطيع شراءها من وديعته بالدولار، بـ«شك مصرفي» من الشركة البائعة اذا كانت مدينة للمصرف تسدد به كل أو جزء من مديونياتها، بفائدة مخفضة تشجع المؤسسات أو الأفراد المقترضين على تسديد ديونهم، فإن هذا ما حصل في الاقبال أخيراً على سهم سوليدير الذي ارتفع خلال بضعة شهور حوالي 80% بسبب تحول المودعين بالدولار إلى شراء الأسهم ومنها العقارية بدل انتظار فترة طويلة جدا لاسترداد ودائعهم نقدا، ما يدل على ازدياد هذا التوجه من «الودائع النائمة» الى «الموجودات النامية».

بدائل جديدة

إلا ان هذه البدائل والخيارات المتوافرة أمام المودعين بالدولار، بدأت تظهر مقابلها أخيراً بدائل جديدة منها أخيراً اقتراح يجري التداول به، يجمع بين مصلحة المودعين ومصلحة المصارف من خلال وضع ممتلكات ورخص وامتيازات من مختلف القطاعات التابعة للدولة أو جزء منها في شركة قابضة (هولدنغ) يساهم بها أصحاب الودائع الدولارية الكبيرة بجزء من ودائعهم التي تتحول عندها الى أسهم تمثل موجودات عينية، منها على سبيل المثال أسهم في رخصتي الخليوي أو في قطاعات مثل النقل والماء والكهرباء والطيران والكازينو و«انترا للاستثمار» أو سواها: وتكون الدولة قد استخدمت هذه الودائع الحسابية في سداد مديونيتها الدولارية للمصارف ولمصرف لبنان المتمثلة بسندات «يوروبوندز»، فينخفض بذلك حجم الدين العام، ومعه معدلات الفوائد التي بلغت 5,5 مليارات دولار سنويا، (سترتفع في السنوات المقبلة تدريجياً الى 6 و7 و8 مليارات دولار سنويا) بما يشكل الآن حوالى 80% من العجز السنوي في موازنة الدولة. 

والدليل على التوجه نحو سيناريو محتمل تضم بموجبه بعض ممتلكات ورخص الدولة الى «هولدنغ» للمساهمات الخاصة، طلب رئيس مجلس النواب قبل حوالى شهرين الى هيئات رسمية عمل جردة بتخمين قيمة سائر ممتلكات الدولة ومن دون ذكر الأسباب لهذا الطلب المفاجئ. علما ان القيمة الفعلية للسندات على الدولة المملوكة من المصارف ومصرف لبنان، هبطت أخيراً بحوالي 25% وخسرت المصارف التي بحوزتها 15 مليار دولار من هذه السندات فارق السعر بين 3 و4 مليارات دولار، وبخسارة أكبر على البنك المركزي الذي يملك حوالى 45% منها تحت بند «محفظة الأوراق المالية» في موازنته العمومية.

السماح قانوناً بتسديد الدولار بالليرة لا يحدد سعر الصرف الرسمي أم الفعلي أم الذهبي؟

هذا في وقت يعود الجدل الى مدى قانونية دفع المصارف ودائع الدولار بالليرة اللبنانية، في ضوء القوانين اللبنانية التي تعتبر الليرة «قوة ابرائية» على كافة الأراضي اللبنانية، واستنادا أيضاً الى المادة 192 من قانون النقد والتسليف التي تنص على ان من يمتنع عن قبول العملة اللبنانية تطبق عليه أحكام المادة 319 من قانون العقوبات التي تنص على الحبس من 6 أشهر الى 3 سنوات.

والجديد في تفسير هذه المادة يتناول القيمة الفعلية لليرة اللبنانية التي يمكن ان تسدد بها المصارف ودائع الدولار. وهل ان القطاع المصرفي يقرر وحده هذه القيمة..؟ وفي هذه الحال يكون مصير وديعة الدولار مقابل الدولار رهينة قرار من طرف واحد هو المصارف (ومصرف لبنان)؟ أم ان القرار بتحديد المعادلة بين العملتين يجب ان يقرر في ضوء القيمة الفعلية لليرة وليست القيمة الرسمية أو النظرية؟

ولكن ما هي هذه القيمة «الفعلية»؟

هناك اقتراحات عديدة في تفسير هذه القيمة الفعلية، وهي كما تحددها المادة 2 من قانون النقد والتسليف، «ليرة مقومة بالذهب الخالص» كما هي العبارة الواردة في النص. كما ان الفقرة (ب) من المادة 4 تنص على انه يمكن للدولة اللبنانية اصدار قطع ذهبية، عندما يجيز القانون اعادة قيمة الأوراق النقدية بالذهب يحدد مميزات القطع الذهبية وشروط اصدارها بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء.

وهكذا بين المواد 193 التي تعطي للدولة اللبنانية حق دفع ودائع الدولار (وأي مستلزمات أخرى بالدولار) بالليرة اللبنانية، والمادة 2 من قانون النقد والتسليف التي تنص على أن تكون معادلة الليرة والدولار بالذهب، والمادة 4 من القانون نفسه، التي تترك القرار لمجلس الوزراء أن يحدد «مميزات القطع الذهبية وشروط اصدارها»، هل تعود هذه الصلاحية لمجلس الوزراء في مصير الليرة كمعادلة مع الدولار أو مقابل الذهب، بدلا من السلطات النقدية (مصرف لبنان) والقطاع المصرفي؟

أسئلة كثيرة تطرح للمرة الأولى في لبنان بسبب التطورات المصرفية المفاجئة التي لم يعهد لبنان مثيلا لها من قبل. وكلها تتناول نصوصا وتفسيرات واجتهادات لمواد عدة من قانون النقد والتسليف، في ضوء المشكلات النقدية والمالية والاقتصادية الطارئة، وفي وقت تخلو المنظومة السياسية اللبنانية، من مجلس النواب الى مجلس الوزراء الى باقي الهيئات الرسمية في الدولة، من أي اهتمام أو متابعة في هذا الموضوع المهم والحيوي، تساهم ولو جزئياً في استعادة بعض الثقة لدى المودعين والمستثمرين.