بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 أيار 2020 12:00ص تنازع على أملاك الدولة و«موديز» تستبعد القرض

حجم الخط
أملاك الدولة اللبنانية تحت الحصار المصرفي والمالي المحلي والخارجي وبصيغ متعددة. فهناك أولا جمعية المصارف التي اقترحت في المقاربة التي قدّمتها ردا على الخطة الحكومية أن توضع هذه الأملاك في صندوق خاص يصدر سندات بقيمة ٤٠ مليار دولار لصالح مصرف لبنان، ومنه في نهاية المطاف الى المصارف تسديدا لدين لها على مصرف لبنان. صحيح ان المقاربة التي قدمتها الجمعية ردا على الخطة الحكومية والتصريحات الصادرة عن مسؤولين ومستشارين مصرفيين تؤكد ان أملاك الدولة التي يتكوّن منها الصندوق هي ملك للدولة، إلا ان سندات الـ ٤٠ مليار دولار التي تقترح الجمعية أن يصدرها الصندوق ستكون بمثابة «اشارة رهن» على هذه الأملاك لصالح من ستؤول إليه هذه السندات. وإذا حصل أن انتقلت أو «جيّرت» Giro هذه السندات لصالح أطراف أجنبية (كما جرى على سبيل المثال لـ «يوروبوندز») تكون نخبة Prime أملاك الدولة اللبنانية تحت رحمة هذه الأطراف.

وهناك ثانيا الدائنون الأجانب من حملة «اليوروبوندز» الذين قد يسرعون عندها الى مقاضاة الدولة اللبنانية قبل أن «ترهن» أملاكها بقيمة ٤٠ مليار دولار وذلك حرصا على «انتزاع» تغطية عينية Collateral كضمان لديونهم التي ما زال مصيرها حتى الآن في أخذ ورد بين التسويات أو المقاضاة.

وهناك ثالثا المودعون اللبنانيون والعرب عموما والأجانب الذين يعتمدون حتى الآن مقابل ودائعهم على وجود أملاك للدولة محررة دون رهن مباشر أو غير مباشر، في حين ان وضعها في صندوق خاص مقيد بسندات بقيمة ٤٠ مليار دولار، سوف يحرمهم من التغطية أو الضمانة العينية المتمثلة بهذه الأملاك. 

وهناك رابعاً المالك الحقيقي والأصلي لهذه الأملاك وهو شعب لبنان الذي ٥٠% منه ليس لهم ودائع  أو عليهم التزامات تجاه المصارف أو أي دائنين أجانب، وبالتالي كيف يجوز وضع أملاكهم في صندوق «مرهون» بسندات ٤٠ مليار دولار ولو تحت ذريعة تسميتها بـ «أملاك الدولة» فيما هي أملاك الشعب؟!

وهناك خامسا سمعة لبنان تجاه صندوق النقد الدولي ومؤتمر «سيدر» وأي مقرضون آخرون من دول أو مصارف أو مؤسسات عربية أو دولية، أو أي مودعون محتملون لبنانيون أو عرب عموما أو أجانب. وهؤلاء في حال «رهن» أملاك الدولة سوف لن يقدموا على اعطاء أي قروض أو ارسال أي ودائع الى لبنان.

حتى ان وكالة التصنيف الدولية «موديز» استبقت هذا الاحتمال باعلانها «عدم أرجحية اعطاء صندوق النقد قروضا للبنان» وذلك في تقرير للوكالة قبل أيام أشارت فيه الى «ان عدم تنفيذ الدولة اللبنانية للاصلاحات التي التزمت بها في المؤتمرات الدولية كان يؤدي كل مرة الى خسارة فرص تمويل ثمينة واستثمارات وخروج المزيد من المستثمرين وتعمق الهوة المالية. وأن تلكؤ الدولة اللبنانية في تنفيذ الاصلاحات الهيكلية سيؤخر حصول لبنان على الموارد المالية التي يحتاجها، وقد يزيد في تدهور الأوضاع الاقتصادية وفي احتمال تكبد الدائنين المزيد من الخسائر والانتقال بالتالي الى اصلاحات أكثر كلفة وأقسى من حيث التكلفة الاجتماعية. وفي هذه الحال فان التدهور الاضافي الذي سيحصل في سعر صرف الليرة قد يقطع الطريق على تحرير منضبط للنقد اللبناني ويفرض بالتالي تحرير العملة دفعة واحدة بما سيتسبب بأضرار كبيرة لعملية التعافي ويطلق موجة تضخم غير مسبوقة تقضي على ما تبقى من القوة الشرائية للمواطنين ولا سيما أصحاب الدخل المحدود».

ورغم اشارة التقرير الى استعداد الوكالة «لرفع التصنيف الائتماني للبنان في حال تحقيق تقدم في المفاوضات مع صندوق النقد، وفي حال استقرت السوق المالية في لبنان وتراجعت مخاطر الدائنين من القطاع الخاص لخسائر مالية كبيرة» إلا أن هذا الاستعداد حسب التقرير «يتطلب تقديم سياسات ذات مصداقية عالية تتعلق بتحقيق فوائض مستدامة في الميزان الأولي وتنفيذ الاصلاحات الهيكلية الحيوية من دون تأخير أو تسويف. وفي الوقت نفسه الحرص على أموال المودعين» كما في نص التقرير الذي خلافا لتوقعات الحكومة اللبنانية بخفض نسبة الدين العام للناتج الاجمالي من ١٧٥٪ الآن الى ١٠٢% يتوقع التقرير أن تصل النسبة الحقيقية الى ٢٠٥%!!