بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 أيار 2020 12:01ص عيد العمل .. بأي حال؟!

حجم الخط
اليوم عيد  العمل وعيد العمال الذي بدأ في العالم بعد انفجار قنبلة في أوّل أيار 1886 خلال اجتماع برئاسة حاكم مدينة شيكاغو، اتُّهِمَ فيها زوراً ممثّلون عن العمال° وبعد أن ثبتت براءتهم جرى التعويض عليهم بإعلان عيد لهم، وبنقابات واتحادات وصلت ببعض قادتها في أحزاب عمالية، إلى سدة الحكم: من  عامل منجم في بريطانيا، إلى راعية غنم في فرنسا،  إلى ماسح أحذية في البرازيل!

أما في لبنان فالإسم غالباً «على غير «مسمى» في نقابات واتحادات مخطوفة بقبضات ميليشياوية أو أسيرة أحزاب طائفية، لا تمثّل في أحسن أحوالها إلا الجزء القليل من العمال، والجزء الضئيل من القوى العاملة، إذا أخذنا بالاعتبار مَنْ هم «خارج النادي» من أصحاب المنشآت الصغيرة والدكاكين والحوانيت، ومعهم الباعة وجيش العاطلين عن العمل والفقراء والمُعدمين ممَّن تحت خط الفقر، أو عند خطوط العوز والجوع .

ويطل عيد العمل والعمال هذا العام على لبنان،  في زمن كورونا وما قبلها وما بعدها ولأمد غير منظور في نظام سياسي - اقتصادي ريعي، لا يبالي لا  بالعمل ولا بالعمال، ولا بالإنماء ولا بالإنتاج،  بل يعيش على القروض ويقتات من الهبات، وممّا جناه شعبه من ودائع وادخارات ولا يفرز سوى الأزمات.

ويأتي العيد على لبنان هذا العام، والشعب محاصر بأوبئة  صحية ومعيشية تتفاقم، وليرة تتهاوى وتضخّم يتعاظم.

بل يأتي العيد على لبنان في ظل تشريعات عمالية رثة، وُضِعَتْ في ظروف كان لبنان خلالها في فترات ازدهار اقتصادي ملائم على حد سواء للعمال ولأصحاب العمل، ولم تعد في أزمات اليوم - وما قبلها من أزمات - ملائمة بل مانعة ومعرقلة لفرص العمل لـ50 ألف لبناني يتدفّقون كل عام إلى  سوق البطالة.

ففي التقرير الأخير الصادر عن Fitch Solutions فإنّ التشريعات العمالية في لبنان بما فيها من القيود الشديدة والأعباء العالية على المؤسّسات، تحد من إمكانات وفرص العمل في لبنان ولم تعد هذه التشريعات، مقارنة مع دول المنطقة  ذات «نوعية  تنافسية» ملائمة للاستثمارات أو لمعدلات إنتاج اقتصادية مجدية.  وهذا فيما القوى العمالية - أمام الأزمات الاقتصاية والمالية والمصرفية التي تشل قدرة المؤسّسات على تقديم الأجور والمكتسبات المادية والصحية الكافية - بات سبيلها الوحيد هجرة - دونها الصعاب والعقبات  -  الى خارج لبنان.

بل إنّ هذه التشريعات حافلة بالمواد الغامضة والقابلة لاختلاف التفاسير والاجتهادات، بدليل عشرات آلاف القضايا العالقة في محاكم العمل أصحاب العمل دون حقوق أو لصالح العمال دون موجبات، وبعد سنوات طوال من المد والجزر، مرهقة للعامل ولأصحاب العمل، وبما يؤدي إلى تردّد مؤسّسات أو امتناعها عن استخدام عمال، وإلى استبدال لبنانيين بغير لبنانيين، أو إلى العمالة بأوقات جزئية، أو إلى خفض الرواتب أو إلى التسريع بالتعويض أو دون تعويض، وفي مشكلة اجتماعية رئيسية ليس في الخضة الاقتصادية التي أقرّتها حكومة «الاختصاصيين» أمس عشية عيد العمال، أي حلول لها أو أي إشارة عنها، فيما الغلاء المستشري والدولار المتصاعد يصيب الاقتصاد والمجتمع عمالاً وأصحاب عمل على حدّ سواء.