بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 كانون الثاني 2020 08:08ص وزني أمام موازنة اللاتوازن

حجم الخط
 موازنة 27  كانون الثاني 2020 غير موازنة ما قبل 17 تشرين الأول 2019، فيما موازنة «حكومة الاختصاصيين» مفروض ـ استنادا الى الوعد في بيان التكليف ـ ان تكون موازنة «الحراك الشعبي» أولا: ان تكون نفقاتها أقل من نفقات موازنة 27 كانون الثاني 2020، عبر وقف الهدر والمحاصصات والمحسوبيات والأجور غير المنتجة والتجهيزات غير المجدية، وأن تكون وارداتها عبر  وقف التهرب والتهريب واستعادة حقوق الدولة، أكثر من واردات موازنة 27 كانون الثاني 2020، وسط كساد تضخمي يزداد اتساعاً في قطاعات اقتصاد تصيبه في الصميم أكلاف الرواتب والأجور والتقاعد  وخدمة الدين وعجز الكهرباء  والانفاق الاجتماعي، اضافة الى نفقات استثنائية واستهلاكات وتجهيزات وسواها، وفي عجز حقيقي (9 مليار دولار) هو الأقرب الى الواقع من امنيات الموازنة.

ليبقى الفارق أمام وزير المال الجديد، المجرب والخبير، بين المفروض والمأمول وبين الامكان والممكن، حيث الحكومة «الجديدة» أمام طفرة التحليلات والتنظيرات، ماذا تستطيع أن تعمل أمام ثوابت غير منتجة تستنزف أكثر من 85% من الواردات، وبما لا يبقى الا النزر اليسير الضئيل  للاستثمارات!

 وهكذا يقف وزير المال الجديد في حيرة من الأمر:

 هل يخفف الضرائب، فتنخفض الواردات ويزداد عجز الموازنة، أم يرفع الضرائب ويتشدد مع المكلفين وينقص معدلات النمو، ويضطر عندها الى المزيد من  الاقتراض وسط تقديرت دولية بأن نسبة النمو للناتج تنخفض تدريجياً باتجاه وسط ركود تضخمي وسط ازمات اقتصادية ومالية ومصرفية واستثمارية، وتداعيات سياسية محلية وأقليمية، وأمام استحقاقات داهمة هذا العام مع الفوائد (بـ4,5 مليار دولار)  و بالعملة المحلية (11532 ليرة) وبعجز سنوي مرتفع في الموازنات، بما قد يصل مجموعه بين الاستحقاقات والعجوزات (بحدود 15 مليار دولار) في عام واحد، وبكل ما تعنيه هذه الاستحقاقات من ضغوطات على الليرة سواء من قبل صندوق النقد الدولي أم من وكالات التصنيف الدولية  التي تقف بالمرصاد لكل زلة في الممارسات أو هفوة في التقديرات.

وبما يضيق الخيارات والبدائل أمام وزير المال: إما الاستمرار باستنزاف الاحتياطي واستخدامه نقدا في تسديد الموجبات بالعملة الصعبة، أو المزيد من الاقتراض، أو جدولة المستحقات، وفي هذه الحالة يتعرض لبنان لخفض تصنيفه السيادي من قبل وكالات التصنيف من (C) الى (D) لدرجة لبنان الذي بات الدولة الثالثة في العالم من حيث نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الاجمالي، أو التطلع كما في تصريح رئيس الوزراء الجديد، الى قطف ثمار زيارات مرتقبة الى دول الخليج، تبدو ثمارها غير ناضجة حتى الآن، أمام موازنة مدمنة على العجز المتواصل بسبب انفاق متعاظم «يقتات» من احتياطيات العملات الأجنبية (البالغة  حوالي 31 مليار دولار) تكفي لاستيرادات 11 شهرا حسب صندوق النقد الدولي، اذا حسمت منها ديون المصارف على «المركزي» بما في ذلك الاحتياطيات الالزامية، يبقى منها 11,5 مليار دولار مع ذهب ممنوع أو محدود استعماله (13,5 مليار دولار) وسندات «يوروبوندز» (5,7 مليار دولار) هبطت قيمتها بمعدل (25%) بما يزيد في هبوط احتياطيات مصرف لبنان والمصارف في بلد مدمن على الانفاق، حكومته 20 وزيراً مقابل 15 وزير فقط في الولايات المتحدة التي حجم اقتصادها الـ21 ترليون دولار (1000 مليار دولار) مقابل 55 مليار دولار فقط حجم اقتصاد لبنان!!