بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 آذار 2023 12:00ص دعونا نرجع

حجم الخط
إذا شئنا أن نقيم عالما مسالما حرّا، ونجعل تصحّرنا الذهني يستحيل، كما بعض صحارينا، إزهارا، وينمو إنساننا شطر قدر من الكرامة، فإننا نستطيع ذلك لا محالة.
ان أنجع صيغة لبلوغ الأهداف المحيية لشعوبنا هي النضال في سبيل الصدق والشفافية: أن نغدو نزهاء بلا مزاعم قادرين على إدراج ذواتنا العليا في صميم مشاعرنا ونشاطنا ومعتقداتنا.
هدف الحياة أن نتجلى ذوي جدوى وكرامة مسؤولين ورحماء: أن نكون ذوي شأن فنؤخذ في الحسبان ونعتبر شيئا ما وقيمة مضافة في بيئتنا وتحت كل سماء.
لا يغدو الإنسان سعيدا ما لم يرتبط بأهداف جامعة شاملة، ومن مظاهر سعادته، عندها، اندفاعه شطر نشاط تجديدي مبدع. هذا هو ديدن الحياة الذي يقضي بأن نحياها في العمق. ولكن، هل ترانا نتلذذ فعلا بالحياة فندرك السلام الداخلي وطمأنينة النفس؟
أتيح لي مجددا أن أعمل بدوام جزئي في مدينة أميركية، فشهدت بين الناس أمانة مجسّمة وفي الطبيعة جمالا آخاذا. خبرت لطف السكان وتذكّرت مسقط رأسي حريصا، وأخلاقنا التي بدّلتها الأيام الى حد ان المتظاهر بالنزاهة والتقوى والوداعة، ينقلب ذئبا يفتك بمن ائتمنه ووقع بين مخالبه وأنيابه. في بلاد العم سام، تعيش كما يحلو لك أن تعيش ضمن القوانين، بين أناس طيبين لا يعرفون الكبرياء ولا الاستعلاء ولا لقمة الحرام. ترى على الدروب من الأزهار أبهاها، ومن الأثمار أحلاها، ولا ترى من يفكر في قطف زهرة، أو في جني ثمرة. فحريتك في هذه البيئة الحرّة، تمنعك من الاعتداء على حرية غيرك، وتحول بينك وبين الحصول على ما ليس لك.
أین أخلاق نافذينا قبل مواطنيهم وقد تجلّت ذات يوم مضرب المثل في الأمانة ومسالمة الناس؟
علّمنا الغرب الأوروبي الحضارة، وألقينا عليه دروسا في الأخلاق الكريمة، فما لنا نرجع القهقرى، ونتخلّق بغير أخلاقنا الأصيلة؟
دعونا نرجع، ولو بأخلاقناء إلى صدر الإسلام على الخصوص، أيام فتح بعض أسلافنا القلوب بالخلق النبيل قبل أن يفتحوا بلادا بالسيف الصقيل.

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه