بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 تموز 2018 12:28ص ديما دروبي في روايتها «سلطانة القاهرة»: هل تمثل شجرة الدر تاريخ المرأة في العالم الشرقي؟

حجم الخط
أشفقت على شجرة الدر وانا اقرأ رواية «سلطانة القاهرة « الصادرة عن» دار نوفل»   وشعرت لو أن شجرة الدر عادت الى الحياة في هذا الزمن  لاختارت أن تموت كما ماتت  في زمن لم يكتبها فيه الراوي المفسد للشخصيات التاريخية،  وهو معرف معلوماتي غير قادر على التخييل او على الامساك بخيوط الشخصية الرئيسية،  وتحليل مواقفها ليحافظ على مصداقيته الانسانية دون الاستهتار بذهن القارىء ،  فالراوي المفسد للشخصيات التاريخية يمارس نوعا من التدليس  الانساني،  وان وضع  الاحداث كما هي تاريخيا. الا انه يقلل من شأنها سياسيا واجتماعيا وعاطفيا، وبالتالي يقتلها في ذهن القارىء لسلبياتها ومكائدها،  ويضعها في دائرة المستضعفين على الارض وهي ليست كذلك. فما هي مهمة الرواية التاريخية؟ وكيف يكتبون التاريخ؟ وهل من ارخ لها هو المفسد؟ ام ان الرواية قطعة من الف ليلة وليلة او خرجت من اكمام الحمال وبناته السبع؟ ام انها اسقاطات ذاتية حالمة على شخصية نسائية قوية؟ 
رواية رغم انها تعتمد على وثائق تاريخية. الا انها تجعلنا في اجواء الف ليلة وليلة، وتجذبنا الى عالم آخر او الى ما وراء الخطوط التاريخية التي استندت اليها «ديما دروبي»  كما سلطت الضوء على ابرز الاحداث الملتهبة في الشرق اثناء حكم المرأة التي تم اختطافها من جبال القوقاز.  لتنضم الى الحريم،  ومن ثم تصبح زوجة الصالح ايوب قبل ان تتخذ الاحداث منحى اخر بعد ارتباطها برجل اخر وهو ايبك،  وتسلسل الاحداث معلوماتيا ضمن الوصف الذي يتخلله الحدث. فهل من وجهات نظر تاريخية ناتجة عن فهم ابعاد الشخصيات وارتباطها ببعض ضمن حبكة  تاريخية ام انها  تنتمي الى  الف ليلة وليلة  وعصر الحريم في هذه الرواية؟ 
رواية  تستند الى الحقائق التاريخية معلوماتيا بتكثيف غير مترابط بين الشخصيات التي يشعر القارىء بأنها غير متوائمة مع قوة هذه المرأة التي استطاعت الوصول الى سدة الحكم  بعد وفاة زوجها. اضافة الى مؤامرات حبكتها واستطاعت من خلالها الفتك بالكثيرين ممن حاولوا ابعادها عن سدة الحكم. الا انها في رواية «سلطانة القاهرة» امرأة مستضعفة حتى عاطفيا وجنسيا، وهذا يظلم الشخصية التاريخية في كثير من النواحي النفسية والسياسية، ومهما يكن من تاريخ ملفق يكتبه في العادة وعاظ ومرتزقة ومدلسون وعبيد للمناصب والاديان والسلاطين، فان عصر شجرة الدر كان من اقوى وأزهى عصور المماليك في مصر فقد حكمت  هذه المرأة ببراعة  واجتثت معارضيها، وعم في زمنها السلام بعد ان بسطت نفوذا قويا على البلاد، فكيف لسلطانة بهذه القوة ان تضعف شخصيتها روائيا.  لتكون في رواية «سلطانة القاهرة»  مجرد امرأة تلهو في اقبية قصرها  وتمارس سحر فتنتها وجمالها دون عقلها او امرأة حكمت الرجال الذين رفضوا ان يولوا امرهم امرأة وهي السلطانة. او ان تشعر بالاذلال قبل ان يثبت لها «مشهد الخضوع الجنسي الذي كانت مضطرة الى لعبه، ان ايبك نجح في القيام بانقلاب حقيقي ضدها وضد كل فلول  النظام السابق» فلماذا الحذر في مشهد لم نعرف كنهه الجنسي؟ وما هي مقوماته التي لعبت من خلاله على ايبك؟ واين سطوتها الجبارة التي وصفتها بمشهد الخضوع الجنسي المجهول التفاصيل؟ فهل هذه ابعاد البوح الجنسي في أدب الاسترجاع ؟  وهل يمكن وضع شجرة الدر في الميزان الروائي الذي يستدرج القارىء نحو نص يغلب عليه التقرير والمعلومات او الوثائق التاريخية؟ 
من حكمن التاريخ من  كان يحكمهن؟ سؤال طرحته على نفسي وانا اقرأ هذه الرواية التي دفعت بي نحو شجرة الدر لاستخلاص الحقائق التاريخية الفعلية، ومسيرة حياة امرأة لا يمكن تحليل شخصيتها كاملة ما لم نتأمل المواقف السياسية التي اتخذتها،  وتأثير انعكاساتها على شخصية المرأة التي حكمت البلاد بعيداً عن اضعافها من خلال استدراجها للرجل الى مخدعها لتقول له «الدليل انني عند قدميك اليوم استغفرك عما قمت به في ساعات يأسي» وبهذا تخرج الرواية عن كونها وثيقة تاريخية لتدخل في التعبير عن ذات مؤلفتها بعيدا عن الموضوعية التاريخية للشخصيات الروائية، وابراز قوة وضعف امرأة لم ينسها التاريخ. فهل تمثل شجرة الدر في هذه الرواية  تاريخ المرأة  في العالم الشرقي؟ ام ان شخصية شجرة الدر ما هي الا تعبير عن ذاتية المؤلفة مضاف اليها المعلومات التاريخية؟   

dohamol@hotmail.com