بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 آذار 2019 12:00ص «للشمس مفاتيحها» لنوف محمد عالم قصصي يومض...

حجم الخط
تفاجئك نوف محمّد الثنيان بإصداراتها المتعددة، كأنها على موعد دائم مع المفاجأة، أو كأنها على تماس ساطع مع الإبداع، وهذا ما يمكنها من التوغل فيه، والغوص إلى أعمق أعماقه، بحرفة كاتب حاذق..
ويجدر بنا أن نقول إذا كانت هناك القصيدة الومضة، فهناك أيضاً القصة الومضة، وهذا ما يُميّز مجموعة نوف محمّد ويجعلها عملاً فنياً يحمل في طيّاته شيئاً من الجمال والفرادة، وبُعداً واضحاً عن الثرثرة التي ترهق النص، وتسلبه بعضاً من قيمته.
نصوص قصصية مكثفة كأنها البرق، يضيء ويختفي في اللحظة نفسها، تقول ما تريد بأقل سطور ممكنة، لتعبر عن الرؤيا، دون اللجوء إلى مقومات القصة التقليدية التي تفرض أن يكون هناك حدث يتطور وصولاً إلى العقدة، ومن ثم الحل، إضافة إلى عرض واضح للشخصيات مع تحديد الزمان والمكان.
نوف لا علاقة لها بالقصة التقليدية تقول كلمتها وتمضي، كأنها تريد لهذه الكلمة أن تحاط بإشعاعات متعددة، ليتشكل من سطوعها الزاهي مسار قصصي موجز.
«للشمس مفاتيحها» مجموعة مختلفة عن كل القصص، لا تقول ما في داخلها، بل تومئ إليه بظرف وذكاء، ليهتدي القارئ إلى المغزى الجميل الذي تريده. تقص كأنها تنشئ حواراً بينها وبين القارئ، الذي تثير في نفسه شهوة المعرفة، لاكتشاف الدلالات المبتغاة من وراء هذا النص، الذي يكتمل على إيقاع نبض قارئه الحصيف.
«للشمس مفاتيحها» قفزة نوعية على مستوى التجربة الذاتية التي خاضت غمار تجارب عديدة، أخذتها إلى أنفاق عالم الكتابة وتركتها هناك تبحث عن ماهيتها، وتتجدد على نبض إيقاعاتها المتعددة.
هناك من كتب قبلاً القصيدة الومضة ومن كتب القصة الومضة،  ومن كتب القصة الومضة، إلا أن هؤلاء لم يستمروا في هذا النوع الكتابي، وكأنهم تركوا دمغتهم ومضوا إلى عوالم أخرى، ومجالات أخرى. لكن يبدو أن الكاتبة نوف محمّد مأخوذة بهذا النوع من الكتابة، مستغرقة في أفيائه، مستأنسة بتجلياته، وساعية دائماً للوصول إلى اكتشاف المزيد من جماله وإشراقاته. تكتب على طريقة من قال «قل كلمتك وامش»، فإما أن تترك أثراً لافتاً، وإما سوف تُنسى بعد آن. والمعروف أن كل ما هو جديد، يعرف كيف يستفيد من القدم لا شك أنه سيكون مؤثراً على مر الأيام والدهور.
المثقف لا ينسى ما هو الجديد، ويسعى دائماً إلى معرفة الإبداع الحق، بل ينسى سريعاً كل من كان دخيلاً على عالم الكتابة ومتطفلاً على ملكوت الإبداع.
نوف محمّد أجادت في «للشمس مفاتيحها»، وأسهمت في تأسيس بنيان جديد لعالم القصة التي تومض، وتشرقط في الآن نفسه.
لامع الحر