بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

10 أيار 2023 12:00ص «التغافل الذكي»!

حجم الخط
عندما ترقيت إلى منصب مديرة، كان من ضمن الموظفين شاب نشيطٌ جداً، وناجحٌ في عمله، وكان يقوم بكل ما يطلبُ منه بذكاء وسرعةٍ ، كما أنه يحقق نسبةَ إنجازٍ عاليةً، لكنه كان لعوباً إلى حد ما.
ذاتَ مرة تقدّم الشاب بإجازة ليسافر مع أصدقائهِ في رحلة ،لكنني رفضتها، فما كان منه إلا أن تقدَّم بإجازةٍ مرضيةٍ ، واتصل مدعياً المرض معتذراً عن الحضور، ولأنني أعرف أنه ليس مريضاً، ذهبتُ صباحاً إلى بيته وانتظرتُ هذا الشاب باكراً ثم قابلته وهو يحمل عدّة الرحلات .
كاد الموظف يذوبُ خجلاً ، ووجههُ يتقلّب بين الخجلِ والحرج، بينتُ له أنه لم يكن قادراً على خداعي، وأنني لستُ بتلك السذاجة التي يظنُّها ، وبرهنت له أنه كاذب، وخصمتُ عنه أجرَ اليوم مضاعفاً، لكنه استقال في النهاية، فخسرتُ جُهده ونسبةَ الإنجاز العالية التي كان يُحققها.
يومها، اكتشفت أنَّ بعض ما نخسره في حياتنا، يكون بسبب التضييق على الآخرين، وإغلاق منافذ الهروب، ما يجعل الطرف الآخر أمام خيارين :إما أن يهربَ مِنك وتَخسر جهده ،أو يتخذك عدواً، فيكيدُ لك، ويدعو عليك وسيتراجع نشاطه كنوع من الدفاع عن النفس، وفي كلا الحالتين تكونُ خاسراً.
التجمُّل والتّغافل هو ورقة التوت التي تسترنا وتحمينا، ليس الغافل بسيد في قومه، لكن سيد قومه المتغافل، لا بد أن تكسب الجميع بنوع من التغافل الذكي والتجاوز وذلك ليس غباء.
أخبار ذات صلة