لم يقل أجدادنا شيئاً إلا وكانوا محقين فيه، قبل ان تنتشر التكنولوجيا ويصبح هناك هواتف وانترنت ويتحول العالم الى كرة كونية واحدة، كان أجدادنا في البلاد العربية يتحدثون في رواياتهم التي يقصونها بين الشباب ان الحروب المقبلة ستكون على المياه في المنطقة العربية.
وها هي اليوم بدأت هذه الروايات تتضح معالمها، حيث يواجه العديد من الدول العربية أزمة خطيرة على الأبواب تتمثل في ندرة الموارد المائية، والتي من المتوقع أن تؤدي إلى فوضى عارمة في شتى مجالات الحياة، وربما تتصاعد الأزمة إلى اندلاع «حروب مياه» ترتسم ملامحها بشكل خاص بين إثيوبيا ومصر، فأديس أبابا تبني العديد من السدود الضخمة، أبرزها سدّ النهضة الذي يمثل وحده تهديداً وجودياً لمصر والسودان.
كذلك تمتد صراعات المياه إلى الأردن والاحتلال الإسرائيلي، الذي أضحى يتحكم في «قطرات الحياة»، بينما نهرا دجلة والفرات في العراق مهددان بالجفاف بسبب سدود الجارتين تركيا وإيران، في حين تحوّل صراع المياه إلى ورقة ضغط داخلية في سوريا التي تمزقها الحرب.
والاحدث بين كل هذا السودان البلد الاغنى بالمياه والمعادن النادرة، والحرب التي فرضت عليه، ليأتي في النهاية من يوهم أهله انهم سينقذونهم مما هم به، ويضعون ايديهم على ثرواتهم بحجة حماية أمنهم ومصالحهم.
انه الذهب الازرق، فمثلما تطفئ المياه نار الحروب يمكن أن تشعلها، فلا توجد دولة في العالم على استعداد للتضحية بمتر مكعب واحد من مياهها الإقليمية، حتى لو وصل الأمر لتحريك الجيوش وإقامة أكبر النزاعات والحروب، بسبب ندرة المياه وتسابق بعض الدول على إقامة السدود، من أجل تحقيق مكاسب معينة قد تضر سلباً بدول الجوار، وتحوّل الشعار اليوم الى «قطرة المياه أغلى من قطرة الدم».